# 📜 الثبات
## مقدمة
في مرحلة الانطلاق لطلب العلم والإصلاح، يكون الإنسان مشحوناً بالحماسة في البداية، فيتمكن من التغلب على تحديات الطريق في البداية، لكن مع طول الطريق وكثرة الاحتكاك بالمعوقات المحيطة يبدأ تجاوز التحديات يزداد صعوبة كلما مر الوقت. وقد يبدأ الإنسان بعد قطع مسافة من الطريق بالشعور بالوحشة بالمكان الجديد الذي صار إليه وقد يبدأ بسؤال نفسه أسئلة من قبيل: -ما الذي أوصلني إلى هنا؟ -ألم أكن أشعر بالراحة أكثر قبل هذه الرحلة؟ -لمَ لا أكون مثل أي إنسان آخر يعيش بشكل طبيعي بدون سلوك هذا الطريق الصعب؟
هنا تبدو أهمية إدراك وسائل الثبات ويدفعنا للتعلم عن أهميته ومعالمه قبل أن نصل لتلك المراحل.
> [!tip] هام
> من أهم الأسباب الداعية للانتكاس والسقوط في الطريق تعود إلى أسباب وإشكالات نفسية. مثلاً: إن كان إنسان يحسن الظن في شيخه، ثم اكتشف أنه شخص سيء جداً (نصّاب مثلاً)؛ عندها قد يشعر الطالب بصدمة ويترك طريق العلم كله والاستقامة بل وقد يرتد عن الإسلام بسبب هذه الصدمة.
> [!tip] هام
> يجب أن يشغل سؤال الثبات على الاستقامة على دين الله والاستمرار في طريق طلب العلم جزءاً من تفكيرنا.
## دوائر الثبات
بقدر إحكام هذه الدوائر وضبطها فإنه لن يكون هناك قلق حقيقي تجاه الانتكاس والعودة والضعف في الطريق.
### 1. دائرة العلم
* العلم يثمر سلوكًا حسنًا وعملًا: العلم يجعل القلب محرضًا على العمل، والعمل سينعكس على سلوك، والسلوك ينعكس على باقي الأمور التي تثبت الإنسان.
* كلما كان الإنسان بالإسلام أعرف كان أشد استمساكًا به: بناءً على أن الإسلام ليس أوامراً ونواهٍ فقط، بل أنه موصوف في القرآن أنه صراط مستقيم وأنه نور، ولنستشعر ذلك يجب أن نعلم حقيقة الإسلام علم اليقين)
* علم الإنسان بالسبب الذي جعل العلم مصدر ثبات للإنسان، يجعل الإنسان يتمسك بالعلم ليزداد ثباتًا به.
* يبنغي على طالب العلم أن يحدد بوصلة العلم ليحقق مجموعة من الأهداف، أعلاها أن يزيده العلم ثباتًا على الإسلام والعلم (فالعلم وسيلة وليس غاية).
* صور العلم الموصل للثبات كثيرة، منها: التعلق بالقرآن كعلم وليس كَوِرد فقط، تدبر السنة، ...
### 2. دائرة الإيمان
* العلاقة بين زيادة الإيمان والاستقامة واضحة لا تحتاج لتوضيح.
* هناك معنى عنه تنبثق المعاني الإيمانية وبه يدرك الخطر في باب الإيمان وبه يحافظ الإنسان على الثبات: حياة القلب.
* حياة القلب صمام أمان مهم جدًا للمؤمن.
* أي أن في القلب المعنى التصحيحي الذاتي دائمًا - فيستشعر القلب أن الشخص بدأ بالغفلة أو الحياد عن الطريق فيدعوه ليصحح.
* والقلب الغافل لا يستشعر هذه المخاطر وقد تتنامى هذه المشاكل حتى يسقط ويضيع المؤمن.
* حياة القلب هي منحة ربانية، لكن لها أسباب يمكننا أن نطلبها، منها:
* إدراك المعاني الثلاثة في حديث: ثلاثٌ من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان (يمكن مراجعة محاضرة الأستاذ [[أحمد السيد]] بعنوان غيث الساري من هدايات البخاري | الحديث {16}).
* الأسباب التالية هي مؤشرات على حياة القلب وأسباب لها بنفس الوقت:
* كثرة ذكر الله سبحانه وتعالى. كما في حديث: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كالحي والميت
* التقوى (اجتناب المعاصي): من أعظم معانيها أن يكون الإنسان في موقف لا يمنعه عن المعصية إلا التقوى فقط، فيمتنع عن المعصية. ومن معانيها أيضاً الاستغفار عند الوقوع في المعصية.
* تعظيم حرمات الله وشعائره. آية: "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم" وآية: "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب". من هذا استشعار والتفاعل مع قيمة وأهمية شعائر الله كيوم عرفة وليلة القدر والمساجد والأماكن المقدسة وإدراك قيم ما عظمته الشريعة كتعظيم سورة الفاتحة وآية الكرسي وهكذا.
* من وسائل الثبات المتعلقة بالإيمان:
* التعلق بالله تعلى
* قيام الليل
* الدعاء
* الصحبة الصالحة: بدليل حديث: ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان... ومنها وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله.
### 3. دائرة السوية النفسية
* لتقدير أهمية السوية النفسية في الإسلام يكفينا أن نفهم أن أعظم غاية للإسلام مرتبطة بشيء نفسي وهو حب الله سبحانه وتعالى.
* الثبات بدون محبة ليس مستحيلًا ولكنه صعب جدًا وفيه مشقة وجفاف - لكن الإنسان قد يحركه دافع آخر للثبات على الطريق وهو الخوف من عذاب الله.
* كما أننا نحتاج للعلم الشرعي بالقرآن والسنة، وإيمان متمثل بالعبادات، فإننا نحتاج إلى ما ينتج فينا الصفات النفسية الحسنة.
* من أعظم المعاني التي تحقق السوية النفسية:
* الأمان: الداخلي (الطمانينة) والخارجي (المحيط الآمن)
* القوة: القدرة على الفعل (التجربة، الخبرة)
* الشجاعة
* [[العزيمة]]
* العزة
* القناعة (الرضى)
* من أهم أسباب عدم الحصول على السوية النفسية:
* الخوف
* الضعف
* **<mark style="background: #D2B3FFA6;">الجبن</mark>**: استعاذ الرسول ﷺ منه ومن البخل، ومن نتائجه:
* الكذب
* الخيانة
* التقلب
* النفاق
* **<mark style="background: #D2B3FFA6;">البخل</mark>**: يؤدي إلى:
* الطمع
* السخط
* الحسد
* الظلم
* من أعظم ما يساعد على تحقيق السوية النفسية هو الابتعاد عن مركزي الانحراف النفسي: الجبن والبخل!
* من أعظم الوسائل أيضا لتحقيق السوية النفسية: الظرف الاجتماعي الصالح.
* من أمثلة العلاقات المساعدة على تقوية السوية:
* العائلة.
* الصحبة الصالحة.
* الزوج(ة) الصالح(ة).
* الشيخ أو المربي أو الطلاب.
* فإن غابت بعض العلاقات المساعدة على تقوية السوية فيجب التمسك بالعلاقات الأخرى.
> [!tip] هام
> العلاقة بين الدوائر الثلاث:
> العلم مبدأ والسوية النفسية ظرف حامل والإيمان غاية ومنتهى.