# صفاء الأنبجانية استذكر الكاتب كيف عوّدته بيئتُه على صلاة الجماعة وعلى أنّها أساس لا يتأتّى بالانفراد ب[[الصلاة]] حتى قبل أن يعلم حُكم وجوبِها. ويمتدح هذا التعويد مِن الصّغر لما يسّره عليه من الاستمرار بِها. وذَكر ملاحظته لصلاة الجاليات الآسيوية معهم في المسجد، وأنهم كانوا فيها أكثر سُكونًا. واستذكر بدايات عهده وعهد جيله بطلب العلم، وأنّها كانت قفزة في المجتمع لم تكن في سابِقيهم، بل وأثارت دهشتهم. وحَضَر الكاتِب دروس عِلم الحديث لشيخ يشرح سنن الترمذي، ما دفعه ليقتني الكِتاب. ومما لاحظه أيضاً صلاة هذا العالِم هو سكون وتأني هذا الشيخ بصلاته، وإطالته للركوع. وبدأت هُنا تساؤلات الكاتب تزداد عن المُفارقة بين ما يراه في المُجتمع من كثرة الحركة في الصلاة، والانتقالات بِلا سكينة، وبين ما يراه من جاليات أخرى ومِن العُلماء من الوقار والسكينة في الصلاة. ## سلسة المُصلّين ### ابن تيمية مع تقدّم المجتمع في مستويات العلم، صعد نجم شيخ الإسلام [[ابن تيمية]] وتلميذه [[ابن القيم]] بصورة غير مسبوقة؛ حتّى أقوالهما واختياراتُهما على لسان طلّاب العِلم. فتتبع الكاتِب في تِلك الفترة تراجِم [[ابن تيمية|شيخ الإسلام]]، وكانت من أعذبها ترجمة تلميذه [[أبو حفص البزار]]. وفي هذه الترجمة صوّر [[أبو حفص البزار|البزار]] صلاة شيخه فقال: (وكان إذا أحرم بالصلاة يكاد يخلع القلوب لهيبة إتيانه بتكبيرة الإحرام، فإذا دخل في الصلاة ترتعد أعضاؤه حتى يميد يمنة ويسرة). ففتح هذا الوصف صفحة التساؤلات التي كانت تراود الكاتِب عن صفة الصلاة بين أفراد مُجتمعه. كذلك وجد مقولة ل[[الذهبي|لذهبي]] عن [[ابن تيمية]] عِند صلاته، فقال: (ويصلي بالناس صلاة لا يكون أطول من ركوعها وسجودها). ### ابن القيّم وأما [[ابن القيم]]، فقد تحدث [[ابن كثير]] عنه بقوله: (وكنت من أصحب الناس له، وأحب الناس إليه، ولا أعرف من أهل العلم في زماننا أكثر عبادة منه، وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جدًا، ويمدّ ركوعها وسجودها، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان فلا يرجع، ولا ينزع عن ذلك، رحمه الله). وقارن الكاتب هذا الكلام بما وصفه [[ابن القيم]] في وصف شعور المصلّي في الصلاة في قوله: (فإنه إذا انتصب قائمًا بين يدي الرّب شاهد بقلبه قيوميته، وإذا قال "الله أكبر" شاهد كبرياءه، وإذا قال "سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" شاهد بقلبه ربًا منزهًا عن كل عيب، محمودًا بكل حمد، وإذا قال "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" فقد آوى إلى ركنه الشديد واعتصم بحوله وقوته من عدوه الذي يريد أن يقطعه عن ربه، فإذا قال "الۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ الۡعَٰلَمِينَ" وقف هنيهة يسيرة ينتظر جواب ربه له بقوله "حمدني عبدي"، فإذا قال...) وبعد وصفه لكل هيئة من هيئات الصلاة، ختم ذلك بقوله: (فالصلاة وضعت على هذا النحو، وهذا الترتيب، لا يمكن أن يحصل ما ذكرناه من مقاصدها التي هي جزء يسير من قدرها وحقيقتها، إلا مع الإكمال والاتمام والتمهل الذي كان رسول الله ﷺ‎ يفعله). ### ابن جريج ومع استمرار البحث اتضحت بقية الصورة، فالمشهد ليس لأفراد من الأمّة تتّصف صلاتهم بهذه الصورة؛ وإنّما كلّ واحد من هؤلاء الأعلام هو حلقة في سلسلة متصلة بحلقات قبلها وبعدها. قال [[أحمد بن حنبل|الإمام أحمد]] في مسنده: (حدثنا [[عبد الرزاق]] قال: أهل مكة يقولون: "أخذ [[ابن جريج]] الصلاة من [[عطاء ابن أبي رباح|عطاء]]، وأخذها [[عطاء ابن أبي رباح|عطاء]] من [[ابن الزبير]]، وأخذها [[ابن الزبير]] من [[أبي بكر]]، وأخذها [[أبو بكر]] من النبي ﷺ‎". قال [[عبد الرزاق]]: ما رأيت أحدًا أحسن صلاة من [[ابن جريج]]). وهكذا نرى إسنادًا ينقلونه سُلُوكًا بسلسلة متصلة إلى الرسول ﷺ‎! وكذلك كان خبر [[عبد الرزاق]] عن [[ابن جريج]]، فقال فيه: (ما رأيت أحسن صلاة من [[ابن جريج]]، كان يصلي ونحن خارجون، فيُرى كأنه اسطوانة، وما يلتفت يمينًا ولا شمالًا). ### عطاء بن أبي رباح وأما [[عطاء ابن أبي رباح]] فقال عنه [[ابن جريج]]: (كان عطاء بعد ما كَبِر وضَعُف يقوم إلى الصلاة فيقرأ مائتي آية من سورة البقرة وهو قائم، لا يزول منه شيء ولا يتحرك). ### ابن الزبير قال التابعيّ [[ثابت البُناني]] عن [[ابن الزبير]]: (كُنت أمرّ بابن الزبير، وهو يصلي خلف المقام، كأنه خشبة منصوبة لا يتحرك). وكثرت أقوال العُلماء في صلاته، ومن أعجبها ما ورد عن صلاته حين حاصر [[الحجاج بن يوسف]] مكة، ورمى ابن الزبير وكتيبته بالمنجنيق، فكان ابن الزبير يصلّي في هذا الوقت، وقال عن صلاته التابعي [[محمد بن المنكدر]]: (لو رأيت ابن الزبير وهو يصلي لقلت غصن شجرة يصفقها الريح، وإن المنجنيق ليقع ههنا وههنا ما يُبالي). ### أبو بكر فعَن صلاة أبي بكر ورد في [[صحيح البخاري]]: (وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته). وقال [[مجاهد]]: (كان [[ابن الزبير ]]<span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">h</span> إذا قام في الصلاة كأنه عود، وحدث أن ابا بكر كان كذلك، قال: وكان يقال: ذاك الخشوع في الصلاة). ## الأنبجانية فإذا كانت هكذا صلاة المتلقّين، فكيف كانت صلاة مُعلّمهم؟ ونأخذ مشهد (الأنبجانية) لنتأمل في صلاة الرسول ﷺ‎. فبعد إسلام [[أبو جهم بن حذيفة]] يوم فتح مكة، أهدى النبيَّ ﷺ‎ خميصة -كساء من لبس الأشراف في أرض العرب وفيها أعلام (خطوط) بلون مغاير للون الكِساء-، فلبِسه النبيُّ ﷺ‎ وصلّى به، لكن أعلامه لفتت نظر النبي ﷺ‎ في صلاته. فَجَاء النبي ﷺ‎ أهله بعد الصّلاة، وطلب منهم أن يُعيدوا الخميصة إلى أبي جهم، وأن يطلبوا منه كِساء آخر تطييبًا لقلبه لكي لا يحزن من رد هديته، والكساء الآخر هو الأنبجانية -كِساء ليس فيه أعلام وأقلّ ثمنًا وقيمةً عند العرب-. وفي قصّة مشابهة طلب النبي ﷺ‎ من [[عائشة]] نزع القِرام الذي وضعته في البيت، والقِرام هو ستارة من النسيج فيها نقوش. في هذا المشهد نرى اهتمام النبيّ ﷺ‎ بصفاء بالِه في الصّلاة، فمُجرد نظرة إلى أعلامِ الكِساء جعلته يُعيد الكِساء لصاحبه، ونقوش السِّتارة أخرجته عَن خشوعه. فكان كُلّ ما في حياتِهم يتحكّم فيها مطلب الخشوع! فأين صلاتُنا من صلاة قُدواتِنا؟ فلا الجسد يقف ساكنًا خاشعاً، ولا الفِكر يدُور حول الصّلاة واستشعار العُبودية للخالِق. **فكيف لو رآنا هؤلاء نُصلي؟** ## الخشوع قال تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">قَدۡ أَفۡلَحَ الۡمُؤۡمِنُونَ [[المؤمنون-1|۝]] الَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ [[المؤمنون-2|۝]]</span>﴾. فسّر [[ابن تيمية]] معنى الخشوع بِطريقة تفسير النَصّ بالنَصّ (أي تفسير معنى الخشوع عن طريق الرجوع للنّصوص الشرعية بدلًا من البحث في النصوص العربية). وطبّق [[ابن تيمية]] عنصرين لاستكشاف معاني هذه الكلمة: - عنصر **الوجوه والنظائر**: أي تتبع موارد اللفظ في النصّ نفسه. - عنصر **التعريف بالمقابلة**: كما فعل في المثال التالي: جاء لقوله تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">الَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ [[المؤمنون-2|۝]]</span>﴾، وقارنه بآية: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنَّكَ تَرَى الۡأَرۡضَ خَٰشِعَةٗ [[فصلت-39|۝]]</span>﴾، فقال: (فالخشوع يتضمن السكينة والتواضع جميعا...، وقال تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنَّكَ تَرَى الۡأَرۡضَ خَٰشِعَةٗ فَإِذَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهَا الۡمَآءَ اهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡۚ...[[فصلت-39|۝]]</span>﴾، فأخبر أنها بعد الخشوع تهتز والاهتزاز حركة، وأنها تربو والربو ارتفاع، فيُفهم أنّ الخشوع فيه: سكون وانخفاض) فالمعنيان المطلوبان مِنّا في صلاتنا هما: **السّكون** فلا نتحرك ونعبث، و**خفض الرؤوس** تذللاً لمن نقف بين يديه. وفي هذين المعنيين جاء النص في الصحيحين: - قال ﷺ‎: (اسكنوا في الصلاة) - وعن أنس بن مالك <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">h</span> أن النبي ﷺ‎ قال: ("ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟!" فاشتدّ قوله في ذلك، حتى قال: "لينتَهُنّ عن ذلك أو لتُختطفنّ أبصارُهم"). ولا يقتصر الخُشوع على وضعية القيام، فالخشوع يشمل أيضاً حركات التنقل بين أركان الصّلاة، ولحظات رفع اليدين للتكبير وخفضهما. ## صلاة المُنافِق قال ﷺ‎: (تلك صلاة المُنافِق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشّيطان، قام فنقرها أربعًا، لا يذكر الله فيها إلى قليلًا). وذكَر [[ابن تيمية]] صفات صلاة المُنافق الواردة في الحديث بقوله: (فبيّن النبي ﷺ‎ في هذا الحديث أن صلاة المُنافِق تشتمل على: التأخير عن الوقت الذي يؤمر بفعلها فيه، وعلى النقر الذي لا يذكر الله فيه إلّا قليلًا) ## نماذج من أوامر النّبي ﷺ‎ الدافِعة للخُشوع في الصلاة - نهى النبيّ ﷺ‎ عن زخرفة المساجد لأنها تشغل المُصلّين، فقال عندما أمر [[عمر بن الخطاب]] ببناء المسجد: (وإيّاك أن تُحمّر أو تُصفّر فتفتن النّاس). وتحت هذا الباب تندرج أيضاً أحداث إرجاع الخميصة وقِرام [[عائشة]]. - أوصى الرسول ﷺ‎ مَن حضر طعامه أن يأكُل أولاً ثمّ يُصلّي بعد فراغه من طعامه؛ ليقوم للصلاة منصبًّا تفكيره عليها. قال ﷺ‎: (إذا قُرِّب العَشاء، وحضرت الصّلاة، فابدؤوا به قبل أن تُصلّوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم). وكذلك في بقيّة المُشغِلات، فقد وجّهنا النبي ﷺ‎ للتخلّص مِنها قبل المُضيّ للصلاة، فقال: (لا صلاة بحضرة الطّعام، ولا وهو يُدافِعه الأخبثان). - نبّه الرسول ﷺ‎ على السكينة في القُدوم للصلاة ليبدأ الخُشوع مع أولى الخطوات إلى المسجد. قال ﷺ‎: (إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصّلاة وعليكم بالسّكينة والوقار). وهذا تنبيه أيضًا لمنع تشتيت سكينة المُصلّين الآخرين. - وكذلك لِمن حضر المسجد قبل الإقامة فعليه عند الإقامة القيام بهدوء وسكينة، لِقوله ﷺ‎: (إذا أقيمت الصلاة، فلا تقوموا حتى تروني، وعليكم بالسّكينة). - وقبل التّكبير للصلاة وجّه النبي ﷺ‎ المصلّين أن يضعوا سترة تحجز نظرهم عن المُحيط، فصلّى النبي ﷺ‎ إلى الجدار والراحلة ومؤخرة الرّحل والحربة والعنزة، وكان أصحابه شديدي الحرص على السترة. وغلّظ النبي ﷺ‎ في المرور بين المُصلّي وسُترته؛ **لأن المار يبلبل وحل الدُّنيا بعد أن صفا ماء المُناجاة**. قال ﷺ‎: (لو يعلم المار بين يدي المُصلّي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيرًا له، من أن يمُرّ بين يديه). وقال ﷺ‎: (إذا صلّى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه، فيدفع في نحره فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان)! - ثم بعد الشُّروع في الصّلاة شرع النّبي تقييد اليديم ببعضهما على الصدر لمنع حركتهما وتنقلّهما. قال [[النووي]]: (قال العلماء: والحكمة في وضع إحداهما على الأخرى أنه أقرب إلى الخُشوع ومنعِهما من العبث). - وكذلك نهى عن ضم الثياب والشعر في الصلاة، لتخفيف الانشغال فيهما. ونهى عن تسوية محل السّجود إلا بأقلّ حركة. فقال في الرّجل يُسوّي التراب حيث يسجد‎: (إن كُنت لا بد فاعلًا فواحدة). - وقال ﷺ‎: (إذا اشتدّ الحر فأبردوا بالصلاة)، فلاستحضار الخُشوع شَرَع تغيير وقت الفضيلة في الصّلاة حتى يبرد الجوّ! كما أنه شَرع تغيير أصل السّجود على الأرض مُباشرة عندما يكون الحر شديدًا، فعن [[أنس بن مالك]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">h</span>، قال: (كُنّا نُصلّي مع رسول الله ﷺ‎ في شِدّة الحر، فإذا لم يستطع أحدُنا أن يُمكّن جبهته مِن الأرض، بسط ثوبه، فسجد عليه)، وهذا لمراعاة الخشوع في الصلاة. - ووجّه النبي ﷺ‎ الناعِس بالنّوم ثم الصلاة، فقال: (إذا نعِس أحدكم في الصلاة فلينم، حتى يعلم ما يقرأ). - ولِمنعِ كُلّ ما يُشوش الخشوع، ندب لمُباعدة الصفوف بين مواضع صلاة النِّساء والرِّجال: (خير صفوف الرّجال أوّلُها وشرُّها آخرهُا، وخير صفوف النِّساء آخرُها وشرُّها أولُها)، ونَهى النِّساء عن التطيُّب للمساجِد، فقال: (إذا شَهِدت إحداكُنّ المسجِد فلا تمسَّ طيبًا). فالقضية تُعدّ قضيّة مركزيّة لكثرة النّصوص الشرعية فيها. فهناك منظومة أحكام تأخذ بيد المؤمن ليقف بين يديه ربه خاشعًا. وتضييع المرء للخشوع هو تضييع لمنظومة الأحكام هذه، وليس مجرد تقصير في جانب روحانيّ. > [!info] فائدة > التواتر المعنوي (تكرار المعنى بنصوص كثيرة) يُعدّ أعلى منزلة من التواتر اللفظي بمواضع قليلة؛ فالتواتر اللفظي قوته في إظهار ثبوت الأمر فقط، أما التواتر المعنوي فقوته في الثّبوت والدلالة معًا (تعدد التأكيد). ### عَدُوّ الخشوع وكمّا وجّهنا النبي ﷺ‎ لِما يدفع للخشوع في النصوص السابقة، فإنّه نبّهنا من عدونا الأكبر الذي يعمل جاهدًا على منعنا من الخشوع، ففور انقضاء التثويب (الإقامة) يبدأ الشيطان عمله: قال ﷺ‎: (حتّى إذى قُضي التثويب، أقبل الشّيطان حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقوه له: اذكر كذا، اذكر كذا. لما لم يكن يذكر من قبل، حتى يظلّ الرجل ما يدري كم صلّى). فكيف نعرف موضع الفخّ ونقع فيه؟! ### أذكار الصلاة عند سُهُوّ المرء في صلاته، يتلفظ بأذكار الصلاة دون أن يُصيبه شيء من معانيها ولا أجرها. ومن أهم ما يجب تأمّله واستذكاره من فضائل أذكار الصّلاة: - إجابة الله ﷻ‎ لعبده إذا قرأ الفاتحة، فيقول تعالى: (حمدني عبدي.. أثنى عليَّ عبدي.. مجدني عبدي..) - فضل موافقة التأمين لتأمين الملائكة: (إذا أمّن الإمام فأمِّنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة؛ غُفر له ما تقدّم من ذنبه) - فضل التحميد بعد الركوع: (كنا يومًا نصلّي وراء النبي ﷺ‎ فما رفع رأسه من الركعة قال: "سمع الله لِمن حمده"، قال رجل وراءه: ربّنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه، فلمّا انصرف النبي قال: "من المتكلّم؟!"، قار الرجل: أنا، قال النبي "رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أول") - شمولية السلام على عباد الله بقول "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" في التشهد: (فإنّكم إذا قُلتموها أصابت كُلّ عبد لله صالح في السّماء والأرض) ### الخشوع والإحسان عرّف النبي ﷺ‎ الإحسان بـ"أن تعبد الله كأنّك تراه". فكُلّما ترقّى العبد في الإحسان، أومضت في قلبه نوافذ الخشوع. قال [[النووي]]: (لو قدَّرنا أن أحدنا قام في عبادة وهو يُعاين ربه سبحانه وتعالى؛ لم يترك شيئًا مما يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحسن السّمت واجتماعه بظاهره وباطنه على الاعتناء بتتميمها على أحسن وجوهها إلا أتى به...) ### الوقوف أمام ملك الملوك وتجدر هُنا مُقارنة الوقوف أمام مُلوك الأرض والوقوف أمام ملك الملوك سبحانه. قال [[أبو حامد الغزالي]]: (وكُلّ من يطمئنّ بين يدي غير الله ﷻ‎ خاشعًا، وتضطرب أطرافه بين يدي الله عابثًا؛ فذلك لقُصُور معرفته عن جلال الله). وقال [[ابن القيم]]: (ومَثَل من يلتفت في صلاته ببصره أو بقلبه؛ مثل رجل قد استدعاه السّلطان فأوقفه بين يديه وأقبل يناديه ويخاطبه، وهو في خلال ذلك يلتفت عن السّلطان يمينًا وشمالاً ... فهذا المُصلّي لا يستوي والحاضر القلب المقبل على الله في صلاته، الذي قد أشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه فامتلأ قلبه من هيبته، وذلت عنقه له، واستحيا من ربه أن يُقبل على غيره أو يتلفِت عنه). والأعظم في هذا قول الرسول ﷺ‎: (ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيَتنخَّع أمامه، أيُحب أحدكم أن يُستقبَل فيُتنخَّع في وجهه؟!) فعلينا مُراقبة أفعالِنا وحركاتِنا في الصلاة، وما يُستحى فِعله أمام عُظماء البشر؛ فالله أحقّ أن نستحيي منه! قال تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الۡحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَالَّذِينَ أُوتُواْ الۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡهِمُ الۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ [[الحديد-16|۝]]</span>﴾