# فنّ القراءة الجردية الكتب البديعة كثيرة، والعمر قصير، والصوارف تتزايد؛ لذلك يجب أن نتعلّم فن **قراءة الجرد**: وهي المطالعة السريعة للكتاب بطريقة استكشافية مُنظّمة، بحيث يلتقط القارئ: - هيكل الكتاب، - واسئلته الرئيسة، - ومظانّ مسائله، - والتصورات العامة فيه. وبعد جرد الكتاب يمكن للقارئ الإجابة على السؤالين التاليين: - ما مدى حاجتي للكتاب؟ - أين يقع موضع الحاجة منه؟ فهكذا يتجنّب القارئ تضييع وقته فيما لا يُفيده أو لا يُجيب عن ما يبحث عنه. أو قد يتضح للقارئ أنه بحاجة لقراءة بعض فصول الكِتاب فقط لتحصيل ما يبحث عنه. فلا ينبغي أن يخوض القارئ بحار الكُتب قبل تصفح الخريطة. ## أمثلة من السّلف وطريقة القراءة الجردية استُخدِمت من السّلف بشكل كبير (بالإضافة لأنماط قِراءة أخرى). والتالي أمثلة لبعض العلماء: - قرأ [[الخطيب البغدادي]] [[صحيح البخاري]] كاملًا على [[اسماعيل الحيري]] في ثلاثة مجالس. - قرأ [[القاضي عياض]] [[رسالة ابن أبي زيد]] (طبعت في مجلّد وهي رسالة مركزية في الفقه) على شيخه في مجلس واحد. - قرأ [[ابن تيمية]] كتاب [[الغيلانيات]] (طُبع في مجلّد ~350 صفحة ويتضمن 1104 حديث) في مجلس واحد. كما كان سريع الكتابة يكتب الكراسين والثلاثة في قعدة. فكتب [[الحموية]] (مجلد وتُدرّس في أيامنا في زهاء سنة) في قعدة واحدة، وكتب في بعض الأحيان في اليوم ما يبيض منه مجلد. - [[الحافظ العراقي]] قرأ [[صحيح مسلم]] في ستة مجالس متوالية. - [[الفيروزآبادي]] قرأ [[صحيح مسلم]] في ثلاثة أيام، وبصوت مسموع واضح. - [[ابن حجر]] قرأ [[سنن ابن ماجه]] في أربعة مجالس، [[وصحيح مسلم]] في أربعة مجالس، وقرأ كتاب [[النَّسائي الكبير]] في عشرة مجالس، وقرأ [[معجم الطبراني الصغير]] في مجلس واحد بين الظهر والعصر (مجلد فيه نحو 1500 حديث)، وقرأ [[صحيح البخاري]] في عشرة مجالس. - قرأ [[القسطلاني]] شرحه على [[صحيح البخاري]] في خمسة مجالس. - [[برهان الدين البقاعي]] قرأ [[صحيح البخاري]] في ستة أيام، و[[صحيح مسلم]] في خمسة. - [[أبو بكر باعلوي]] كان يقرأ المجلد الضخم في يوم أو ليلة، وقرأ [[إحياء علوم الدين]] (خمس مجلدات) في عشرة أيام. - [[جمال الدين القاسمي]] أسمع صحيح مسلم في 40 يوم، وأسمع [[سنن ابن ماجه]] في 21 يوم، و[[الموطأ]] في 19 يوم، و[[تقريب التهذيب]] مع تصحيحه وضبطه وتحشيته في 10أيام، وكل مجالس القراءة هذه كانت متتالية. - [[عبد الحي الكتاني]] قرأ صحيح البخاري تدريساً بالتحقيق والتدقيق مع شرح وذكر الشواهد واللطائف في 50 مجلس. ## أهمية القراءة الجردية وكتب الداعية الأمريكي [[حمزة يوسف]] في كتابه (How to read a book) عن أهمية القراءة الجردية، فقال: (معظم الأشخاص، بل وحتى عدد كبير من القراء الجيدين؛ لا يعرفون أهمية القراءة التّصفّحية، إنهم يبدؤون الكتاب من الصفحة الأولى، ويتقدمون بجدّ وثبات حتى آخر الكِتاب، وبدون قراءة الفهرس. إنهم في هذه الحالة يُواجهون هدف إنجاز المعرفة السطحية للكتاب، بنفس الوقت الذي يحاولون به فَهمه، وهذا يُضاعف صعوبة الكِتاب). ويخشى الكثيرون عدم الفهم عند القراءة السريعة. ولكن القراءة السريعة تُحقق فهمًا مُعيّنًا قد لا يتأتّى بالقِراءة البطيئة (وكذلك للقراءة البطيئة مواضع لا يُمكن فيها القراءة السريعة). فالقراءة السريعة أفضل لِجمع تصوّرٍ كُلّي عن الكتاب وأفكاره. ولا تفيد المُبالغة بالسّرعة ولا المُبالغة بالبُطئ. قال العالِم المعروف باسكال: (حين نقرأ بسرعة شديدة، أو ببطء شديد؛ فإننا لا نفهم شيئًا). > [!note] خلاصة > لا يجب ترك القراءة الجردية، خاصّة في الكُتب المطولة الكبيرة. وهذه الطريقة القِراءة مارسها علماءُ المسلمين عبر مختلف الأزمنة، وأيّدتها الأبحاث والعُلماء الغربيون المعاصرون.