# التّعارض والتّرجيح
## <mark style="background: #D2B3FFA6;">تعريفات</mark>
- **التّعارض**: تقابل دليلين على سبيل المُمانعة.
- **الترجيح**: تقوية وتقديم أحد الدليلين على الآخر بِمُرَجِّحٍ أو أكثر.
- **رجحان الدّليل**: كون الظنّ المُستفاد مِنه أقوى من الدّليل الآخر.
> [!tip] هام
> التّعارض بين دليلين لا يُمكن أن يكون بين دليلين قطعيين، فلا يُمكن تعارض دليل قطعيّ يدلّ على أن الكون حادِث مع دليل قطعيٍّ آخر يدلّ على أنّ العالم قديم. وإنّما يكون التّعارض بين الأدلّة الظنيّة.
## <mark style="background: #D2B3FFA6;">التّعامل مع التّعارض</mark>
للتعامل مع التّعارض بين النّصوص أربعة مراتب:
1. **الجمع**: إن أمكن الجمع فيُجمع بينهما.
> [!note] أمثلة:
> - ورد أنّ النبي ﷺ صلّى الظُّهر يوم النَّحر في مكّة في حجّة الوداع، وجاء في رواية أخرى أنّه صلّى الظُّهر يوم النَّحر في مِنى. جمع العُلماء بين هذين الحديثين، فقالوا: أنّ النبيّ ﷺ صلّى الظّهر يوم النّحر في مكّة ولمّا عاد إلى مِنى وجد أصحابه لم يُصلّوا بعد، فصلّى بهم مرّة ثانية.
> - قال النبي ﷺ (أيُّما إهابٍ دُبغ فقد طهُر)، وقال ﷺ (لا تنتَفِعوا منَ المَيتةِ بإِهابٍ ولا عَصَبٍ)، وظاهر الحديثين فيه تعارض. جمع العُلماء بينهما فقالوا: بأنّ الحديث الثّاني محمول على الانتفاع بالإهاب (جلد الميتة) قبل الدِّباغة وهذا هو المنهيّ عنها، وأمّا بعد الدِّباغة فيصير طاهرًا ويجوز الانتفاع به.
1. **النّسخ**: إن عُلم التّرتيب الزّمنيّ فإنّ الدّليل المتأخّر ينسخ الدّليل المُتقدّم.
> [!note] مثال:
> جاء في حديثٍ (احْتَجَمَ النبيُّ ﷺ وهو صائِمٌ)، وجاء في حديثٍ آخر قوله ﷺ (أفطَرَ الحاجمُ والمحْجومُ). وقد جُمع بين الحديثين بأنّ الفِطر بالحِجامة كان في أوّل الأمر، فنُسِخ تفطير الحِجامة للصّائم.
1. **التَّرجيح**: إن أمكن التّرجيح بين الأدِلّة: يُرجَّح الدليل الأقوى.
2. **التَّوقُّف**: إن لم يوجد مُرَجِّح: يُتَوَقَّف في الحُكم، وللمُجتهد في هذه الحالة أن يتخيَّر العمل بأحد الدّليلين، وهذه الحالة نادرة جدًا.
### <mark style="background: #D2B3FFA6;">مواضع التَّرجيح</mark>
يكون الترجيح بأحد هذه المواضع:
#### <mark style="background: #ADCCFFA6;">1. في جنس الدّليل</mark>
في هذه الحالة يُقدَّم [[مواد/مواد شرعية/علم الفقه/أصول الفقه/دورة أصول الفقه/الأدلّة الشرعية/الإجماع|الإجماع]] على [[القرآن الكريم]]؛ لأنّ الإجماع لا يمكن أن يقع فيه النَّسخ.
ويُقدّم القُرآن على [[السنّة]]؛ لأنّ القُرآن كُلّه قطعيّ الثُّبوت.
وتُقدّم السنّة القولية على الفعلية؛ لأنّ السنّة الفعلية يُحتمَل فيها الاختصاص بالنبيّ ﷺ.
والسُّنة الفعلية مُقدّمة على السُّنة التقريرية؛ لأنّ الفعل يفيد التّشريع وأمّا التقرير فحصل الخلاف في إفادته التّشريع.
ويُقدَّم القرآن والسُّنة على [[القياس]]؛ لأنّ القياس إذا عارض النّص فإنّه يكون قياسًا فاسد الإعتبار.
#### <mark style="background: #ADCCFFA6;">2. في السَّند</mark>
ويكون التّرجيح في السّند موضعين:
##### <mark style="background: #ABF7F7A6;">أ. الرّاوي</mark>
ويمكن التّرجيح بين الأحاديث بحسب رُواتِها بعدّة عوامل:
1. الترجيح بكثرة الرّواة: فما رواه عدد أكبر يُقدَّم على ما رواه الأقلّ.
> [!note] مثال:
> روي عن النبي ﷺ رفع اليدين عند الركوع والقيام من الركوع من أكثر من 40 صحابيّ، وروي في حديث آخر أنّ النبي ﷺ كان لا يرفع يديه بعد تكبيرة الإحرام، في هذه الحالة نُقدِّم القول الأول لكثرة رواته مقارنة بالثّاني.
1. الترجيح بالرّاوي الأوثق: وذلك بحسب مراتب وثوقيّة الرّاوي (الثِّقة أعلى من الصَّدوق إلخ...).
2. التّرجيح بالرّاوي الأقرب إلى القصّة التي رواها.
> [!note] مثال:
> قالت أمّ المؤمنين [[ميمونة]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">J</span>: (تزوَّجَني رسولُ اللهِ ﷺ ونحنُ حَلالٌ بعدَما رجَعْنا من مكَّةَ). وجاء في حديث آخر أنّ النبي ﷺ كان مُحرمًا. في هذه الحالة نُقدِّم قول ميمونة <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">J</span> لأنّها الأقرب للواقعة.
##### <mark style="background: #ABF7F7A6;">ب. السّلسلة</mark>
يُقدّم الحديث المُسند على المُرسَل؛ لأننا لا نعلم حال الرّاوي السّاقِط مِن سند المُرسَل.
ويُقدّم الحديث العالي (الذي قلّ رواته) على النّازل (الّذي كثر رواته)؛ لأنّ زيادة عدد الرّواة يزيد من احتماليّة الخطأ.
ويُقدَّم ما رواه الشيخان على غيره؛ لمزيّة الصحيحين، ولتلقّي الأمّة لهُما بالقبول.
#### <mark style="background: #ADCCFFA6;">3. في المتن</mark>
يُقدَّم الحديث الذي فيه إثبات أمر على الحديث الذي فيه نفي أمر؛ لأنّ الإثبات فيه زيادة عِلم.
#### <mark style="background: #ADCCFFA6;">4. في الدّلالة</mark>
يُقدَّم ما كان قطعيَّ الدّلالة على ما كان ظنيّ الدلالة.
#### <mark style="background: #ADCCFFA6;">5. بأمر خارجي</mark>
كأن يكون أحد الرُّواة أفقه مِن الآخر.