# صلاة الجماعة
## حكم صلاة الجماعة
حُكم صلاة الجماعة في الصّلوات المكتوبة المؤدّاة (أي ليست قضاءً) للرّجال الأحرار البالغين المُقيمين عِند الشّافعيّة: [[فرض الكفاية|فرض كفاية]]. وهذا هو القول المعتمد في المذهب.
وهُناك من قال بأنّها مُستحبّة كالإمام [[الرافعي]].
## إدراك فضيلة صلاة الجماعة
تُدرك فضيلة الجماعة كامِلة بإدراك الإمام قبل أن يُسلِّم؛ أي قبل أن ينطق بالميم مِن كلمة (عليكم).
وفضلها عظيم لقول النبي ﷺ: (صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الفَذِّ بسَبْعٍ وعِشْرِينَ دَرَجَةً)
## أعذار ترك صلاة الجماعة
الأعذار التّالية تدفع كراهة ترك صلاة الجماعة عِند قول من يقول بأنّها مُستحبة، وتدفع الإثم عِند قول من يقول بأنّها فرض كفاية.
تُقسّم الأعذار إلى:
### <mark style="background: #D2B3FFA6;">1. أعذار خاصّة</mark>
1. **أن يخاف على معصومٍ مِن ظالم**: والمعصوم كالنفس والمال والعِرض.
2. **خوف معسرٍ ملازمة غريمه له**: والمعسر هو من عليه دَين.
3. **عقوبة يُرجى تركها إن تغيّب أيّامًا**: كمن كان عليه قصاص أو تعزير وظنّ أنّه بتخلّفه عدّة أيام قد تسقط عقوبته.
4. **فقد اللباس الذي يليق به**: وهذا الشّرط أوسع من شرط عدم وجود اللباس تمامًا، فليس كُلّ لباس يليق بالشّخص ويحفظ مروءته.
5. **إذا أكل طعامًا له ريح كريه**: لقوله ﷺ (مَن أكَلَ البَصَلَ والثُّومَ والْكُرَّاثَ فلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنا، فإنَّ المَلائِكَةَ تَتَأَذَّى ممَّا يَتَأَذَّى منه بَنُو آدَمَ). ومثل ريح الأكل الذي قد يؤذي يكون حال من يعمل ببعض المهن التي تسبب روائح كريهة لبدن أو لباس العامل بها.
6. **حضور مُحتَضر أو مريض ليس له مُتعهِّد**.
7. **المرض**.
8. **الحرّ أو البرد الشَّديدين**.
9. **الجوع والعطش**.
10. **مُدافعة الحَدَث**.
11. **خوف انقطاع الرِّفقة في السَّفر**.
12. **غلبة النّوم**: فمن لم يعقل ما يقول ولم يحضر قلبه في صلاته فله التخلّف عن الجماعة.
### <mark style="background: #D2B3FFA6;">2. أعذار عامّة</mark>
1. **المطر الشَّديد**: وهو المطر الذي يبلّ الثّوب ولا يوجد ما يُستر مِنه.
2. **الرِّيح العاصِف أو البارِد بالليل**: ويشمل لفظ الليل هُنا صلاة الصّبح أيضًا.
3. **وجود الوَحَل الشّديد**.
## الإمامة
### <mark style="background: #D2B3FFA6;">أحقيّة الإمامة</mark>
يتمّ تقديم الإمام بحسب التّرتيب التّالي:
1. **الوالي في محلّ ولايته**: حتّى إن كان الوالي فاسِقًا.
2. **إمام المسجد، وساكن البيت**: وإن لم يكن البيت مُلكًا له.
3. **الأفقه**: هو الشّخص الأفقه بالأحكام المُتعلِّقة بالصّلاة.
4. **الأقرأ**: يوجد خلاف في كون الأقرأ الأعلى حِفظًا أم الأصحّ قِراءةً، واعتمد [[ابن حجر]] القول الثّاني.
5. **الأورع**.
### <mark style="background: #D2B3FFA6;">شروط الإمامة</mark>
1. **أن يكون الإمام قارئًا غير أمّي**: فلا يُصلّي قارئ خلف أمّي. والقارئ عِند الفقهاء: هو من يحسن قراءة الفاتحة ولو لم يحسن غيرها. وأمّا الأمّي فتصحّ إمامته لأمّي آخر إن كانا يعجزان عن قراءة نفس الحرف، أمّا إن كانا يعجزان عن قراءة حروف مختلفة فلا تصحّ.
2. **الذكورية لغير امرأة**: فلا يصحّ أن يُصلّي ذكر خلف الأنثى، ولو كان صبيًّا.
3. **الإسلام**.
4. **ألّا يكون الإمام مُقتديًا بإمام آخر**.
5. **ألّا يكون الإمام ممّن تلزمه الإعادة**: فمثلاً لا يصحّ الائتمام بمن لم يستطع من استقبال القبلة لأنّه مربوط، لأنّ عليه إعادة الصّلاة عِند زوال المانع.
6. **ألّا يكون الإمام قائمًا لأداء ركعة زائدة**: فمثلاً لا يصحّ القيام مع الإمام إن قام لركعة خامسة في صلاة العشاء ساهيًا.
### <mark style="background: #D2B3FFA6;">القدوة</mark>
#### <mark style="background: #ADCCFFA6;">موقف المأموم مِن الإمام</mark>
1. **المندوب**: له عدّة حالات بحسب عدد المأمومين:
1. مأموم واحد: التّخلّف عن الإمام قليلًا عن يمينه.
2. أكثر مِن واحد: يقفون في الصّف الذي خلف الإمام.
2. **المكروه**:
1. المحاذاة للإمام: فيُكرَه أن يكون عَقِب المأموم مُحاذيًا لِعَقِب الإمام.
2. الوقوف منفردًا خلف الصّف.
3. **المُبطل**: التقدّم على الإمام.
#### <mark style="background: #ADCCFFA6;">مكان الاقتداء</mark>
يُشترط في مكان الاقتداء أن تُعلَم انتقالات الإمام: إمّا برؤية الإمام أو المأمومين، أو بسماع الإمام أو المأمومين.
ولهذا حالات ثلاث:
1. **اجتماع الإمام والمأموم في المسجد**: يصحّ الاقتداء وإن تباعدت المسافة بينهما، وهذا بشرطين:
1. العِلم بانتقالات الإمام.
2. عدم تقدّم المأموم على الإمام.
2. **الإمام في المسجد والمأموم خارجه**: يصحّ الاقتداء بشروط:
1. عِلم المأموم بانتقالات الإمام.
2. ألّا تزيد المسافة بين المأموم وبين آخر المسجد عن 300 ذراع (حوالي 150 متر).
3. ألّا يوجد حائل يمنع المرور: فلا تصحّ الصّلاة إن وُجد حائل يمنع المأموم مِن المرور للإمام كالجِدار، وليس مِن الحائل وجود باب أو وجود نهر.
3. **الإمام والمأموم خارج المسجد**: يصح الاقتداء بشروط:
1. العِلم بانتقالات الإمام.
2. ألّا تزيد المسافة بين المأموم وبين آخر المسجد عن 300 ذراع.
3. ألّا يوجد حائل يمنع المرور.
#### <mark style="background: #ADCCFFA6;">اختلاف النيّة</mark>
في المذهب الشّافعي لا يُشترط اتّفاق النيّات بين الإمام والمأموم، ولكن يجب توافق نظم صلاتيهما في الأفعال الظّاهرة (فلا يصحّ الاقتداء بنيّة صلاة الظّهر خلف من يصلّي صلاة الجنازة).
بالتّالي تصحّ الحالات التّالية: صلاة مؤدٍّ خلف قاضٍ، وصلاة ظهر خلف عصر والعكس، وصلاة المفترض خلف المُتنفِّل والعكس.
إن كانت ركعات الإمام أقلّ مِن ركعات المأموم (كمن يصلّي العصر خلف من يصلّي المغرب)؛ فيكون حكمه ك[[#المسبوق]].
إن كانت ركعات الإمام أكثر مِن ركعات المأموم، فلهذا حالات:
1. إن كان موضع التشهّد الأخير للمأموم يوافق موضع تشهّد للإمام (كمن يصلّي الفجر خلف من يصلّي الظّهر): الأفضل انتظار الإمام والتّسليم معه، ولكن تصحّ مفارقته والتّسليم.
2. إن كان موضع التشهّد الأخير للمأموم لا يوافق موضع تشهّد للإمام (كمن يصلّي المغرب خلف من يصلّي العِشاء): تجب المفارقة وعدم الانتظار.
### <mark style="background: #D2B3FFA6;">أحكام حالات المأموم مع الإمام</mark>
#### <mark style="background: #ADCCFFA6;">1. المُتابَعة</mark>
متابعة المأموم للإمام هي الأصلّ والسُّنّة. وأشار إليها النبيّ ﷺ بقوله (إنَّما جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ به، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وإذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا).
ومعنى **المُتابعة**: أن يبدأ المأموم الفِعل بعد أن يبدأ الإمام بالفِعل وقبل أن يفرغ الإمام مِنه.
#### <mark style="background: #ADCCFFA6;">2. المُقارنة</mark>
لها ثلاثة أحكام:
2. **مُستحبّة**: في التأمين آخر الفاتِحة، وعِند الثّناء في القنوت (فيقول مع الإمام مِن قوله: فإنّك تقضي ولا يُقضى عليك...)
3. **مُبطِلة**: لا تنعقد الصّلاة عِندما تقع المقارنة في تكبيرة الإحرام؛ أي لا يدخل المأموم بالصّلاة أساسًا.
4. **الكراهة**: في بقية المواضع.
#### <mark style="background: #ADCCFFA6;">3. التخلّف</mark>
إن كان تخلّف المأموم على الإمام بِلا عُذر:
1. إن كان التخلّف بركن واحد فقط: يكون التخلّف مكروهًا، ولكن لا تبطل الصّلاة
> [!note] مثال:
> إذا ركع الإمام وقام مِن الرّكوع والمأموم لم يركع بعد: تقع الكراهة ولكنّ الصّلاة لا تبطل، لأنّ التأخّر هُنا بِرُكنٍ فعليّ واحد فقط.
1. إن كان التخلّف برُكنين فعليّين: تبطل الصّلاة.
إن كان تخّف المأموم على الإمام بِعُذرٍ (كعدم تمكّنه مِن إتمام الفاتحة):
1. إن لم يسبَق بأكثر مِن ثلاثة أركان طويلة (القيام، والرّكوع، والسّجود، والتّشهّد): يُتمّ الواجب ويسعى خلف الإمام.
2. إن سُبِق بأكثر مِن ثلاثة أركان طويلة: يكون المأموم مخيّرًا:
1. إمّا أن يُتابع الإمام ويستدرك ما فاته بعد التّسليم،
2. أو أن ينوي المفارقة ويُكمل صلاته مُنفردًا.
> [!note] أمثلة:
> - لو كان الإمام والمأموم في القيام، ثمّ ركع الإمام، ثمّ اعتدل، ثمّ سجد السّجدة الأولى، ثم جلس، ثمّ سجد السّجدة الثانية، والماموم ما زال في القيام لعذرٍ صحيح: فللمأموم تدارك ما فاته؛ لأنّه لم يتأخّر لأكثر من ثلاثة أركان طويلة.
> - لو تخلّف المأموم لعذرٍ في القيام حتّى وصل الإمام للقيام للركعة الثّانية (تخلّف بأربعة أركان طويلة): يُخيّر المأموم بين أن ينوي المفارقة ويتمّ صلاته منفردًا، أو أن يتابع الإمام بقيامه الحاليّ، ثمّ يأتي بالرّكعة التي فاتته بعد تسليم الإمام.
#### <mark style="background: #ADCCFFA6;">4. السَّبق</mark>
1. سبقُ المأمومِ الإمامَ بركنٍ فعليّ واحد: يحرم فعله، ولكن لا تبطل الصّلاة.
2. سبقُ المأمومِ الإمامَ بركنين فعليّين:
1. إن كان عمدًا: تبطل الصّلاة.
2. إن كان سهوًا: لا تبطل الصّلاة ولا يُعتدّ بالرُّكنين ويرجع ليأتي بهما مع الإمام. إن لم يُعدهما عالِمًا عامِدًا تبطل صلاته، وإن لم يُعدهما جاهِلاً أو ناسيًا تبطل الرّكعة، ويجب عليه أن يأتي بركعة بعد تسليم الإمام.
### <mark style="background: #D2B3FFA6;">المسبوق</mark>
إن أدرك المسبوق الإمام راكعًا أدرك الرّكعة، بشرط أن يطمئنّ قبل أن يرتفع الإمام عن أقلّ الرّكوع
وما يُدركه المسبوق يكون هو أوّل صلاته، ويستدرك ما فاته مِن ركعات بعد تسليم الإمام.