# الأمور بمقاصدها ## معناها تعني القاعدة: أنّ الأقوال والأفعال الصّادرة عن الشّخص مبنيّة على نيّته ومقصده. فالحُكم على فعله وقوله يكون بناء على قصده ونيّته. وتُعدّ هذه القاعدة من القواعد الفقهيّة الكُبرى. **والنيّة**: - لغةً: القصد. - اصطلاحًا: هي قصدُ الشّيء مُقترنًا بفعله. ## دليلها قول النبيّ ﷺ‎ (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى). ## مسائل النيّة للنيّة سبعة أحكام: ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">1. فائدة (أو مقصد) النيّة</mark> للنيّة عند الفقهاء مقصدان: 1. تمييز العادات مِن العبادات. > [!note] مثال: > تُميِّزُ النيّة نوع الغُسل: فبحسب النيّة قد يكون الغُسل للتنظُّف أو للتعبُّد. 1. تمييز مراتب العبادات عن بعضها. > [!note] مثال: > تُميِّزُ النيّة نوع الركعتين بعد أذان الفجر: فقد تكونان ركعتا نافلة الفجر أو فرض الفجر. وفائدة النيّة عند علماء السُّلوك والتَّزكية: تمييز المقصود بالعمل، فينبغي إخلاص الأعمال لله تعالى وتخليتها من المقاصد الأخرى. <div style="page-break-after: always;"></div> ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">2. حُكم النيّة</mark> تشترط النيّة في أغلب المواضع: 1. في العبادات: فغالب العبادات لا تصحّ إلّا بالنيّة. ويستنثى منها شيء قليل مثل تغسيل الميّت والأذان فلا تشترط لهما النيّة. 2. ألفاظ الكِنايات: الكناية هي لفظ مُحتمل لا يترتّب أثره إلّا إذا نوى قائله المعنى الّذي يترتّب عليه الأثر. > [!note] مثال: > في قولِ الرّجل لزوجته "إلحقي بأهلك" كِناية، فإن كانت نيّته الطّلاق يقع الطّلاق، وإن لم يكن يريد الطّلاق فلا يقع الطّلاق. ولا تُشترط النيّة في بعض المواضع: 1. في التُّروك. > [!note] مثال: > لا تشترط النيّة عِند ترك المعاصي. 1. غسل الميت: فحُكمه [[فرض الكفاية|فرض كفاية]] ولكنّ نيّته مُستحبَّة. 2. نيّة التمتّع لوجوب الدّم: وهذا في النُّسُك (الحجّ أو العمرة). 3. اللفظ الصّريح: وهو اللفظ الذي ليس له إلّا معنى واحد. > [!note] مثال: > لفظ الطّلاق لفظ صريح، فَلَو قاله الرّجل لزوجته يقع الطّلاق ولا تُشترط له النيّة. ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">3. محلّ النيّة</mark> محلّ النيّة القلب، ولكن الفقهاء استحبّوا التلفّظ بها ليُساعد اللِّسان القلب. <div style="page-break-after: always;"></div> ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">4. وقت النيّة</mark> أوّل العِبادات ونحوها إلّا ما استُثني. > [!note] ملاحظة > إن أقيمت النيّة وتأخّر الفِعل فهذه لا تُسمّى نيّة بل تُسمّى عزمًا. > [!note] أمثلة: > - وقت استحضار نيّة الوضوء منذ بداية سنن الوضوء حتّى غسل الوجه، فهو أول فرض من فروض الوضوء ويجب أن تكون النيّة حاضرة قبل الشّروع به. > - يجب استحضار نيّة الصّلاة عِند تكبيرة الإحرام. ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">5. مفسدات النيّة</mark> للنيّة مُفسدات، وهي: 1. قطعها: فِعند قطع النيّة تَبطُل النيّة، وفي بعض العبادات (كالصّلاة) يُبطِل قطع النيّة العِبادة، وفي بعضها (كالنُّسُك) لا يُبطِلها، وهُناك خلاف في إبطال قطع النيّة لبعض العِبادات (كالصّوم) والأصحّ في المذهب الشافعيّ أنّه لا يُبطِلها. > [!note] أمثلة: > - من نوى قطع صلاته تبطل صلاته. > - لا يبطل حجّ من نوى قطع الحجّ. > - على الأصح: لا يبطل صيام من نوى قطع صيامه. 1. التردد فيها. > [!note] مثال: > إت تردّد المرء أثناء الصّلاة في إكمالها أو الخروج منها؛ فإن صلاته تَبطُل. 1. العزم على قطعها: ويسمّى تعليق النيّة. > [!note] مثال: > قول الرّجل: سأقطع الصّلاة إذا قُرِع الباب أو رنّ الهاتف أثناء الصّلاة؛ فهذا يُفسد النيّة وبالتالي يُبطِل الصّلاة. <div style="page-break-after: always;"></div> ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">6. شروط النيّة</mark> 1. الإسلام. 2. التّمييز: فلا تصحّ من مجنون أو صبيّ غير مميِّز. 3. العِلم: فلا تصحّ نيّة الوضوء من شخص لا يعرف الوضوء. 4. الجزم (عدم التّردد): ويسمّيه بعض الفقهاء عدم وجود المُنافي، وممّا ينافي النيّة: التردّد، وقطع النيّة. ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">7. كيفيّة النيّة</mark> تختلف كيفيّة النيّة باختلاف الأبواب. > [!note] أمثلة: > - **عِند الوضوء**: يُمكن أن تكون النيّة رفع الحَدَث، أو الوضوء. > - **عِند التَّيمم**: لا تكون النيّة رفع الحَدَث، وإنّما تكون استباحة الصَّلاة. > - **عِند صلاة الفرض**: يجب تحديد نيّة الفِعل (الصلاة) والتّعيين (الظّهر، العصر، ..) والفَرْضِيّة (أنّها فرض). > - **عِند الغُسل**: مُجرّد نيّة الغُسل لا تجعل الغُسلَ صحيحًا، وإنّما يجب أن تكون النيّة رفع الحَدَث. <div style="page-break-after: always;"></div> ## القواعد المُندَرِجة تحت قاعدة "الأمور بمقاصدها" ### <mark style="background: #BBFABBA6;">1. هل العبرة بالألفاظ والمباني أم العبرة بالمقاصِد والمعاني؟</mark> عِند الشّافعيّة يُغلَّب جانب اللّفظ، فيعتبرون اللفظ أكثر من اعتبار المعنى. (وتستثنى من هذا مسائل قليلة) > [!note] مثال: > - إن قال شخص: وهبتك هذا الثّوب بكذا وكذا. > - ولكنّ الأصل بالهِبة أن تكون بلا عِوَض (بدون مقابل). > - ففي هذا المثال لو نظرنا لِللَّفظ: نقول أنّ هذه هِبة (لقوله: وهبتك)، ولو نظرنا للقصد لقُلنا أنّ هذا بيع (لوجود المُقابل). > - في المذهب الشّافعيّ يأخذ هذا المثال أحكام الهِبة اعتبارًا باللفظ. ### <mark style="background: #BBFABBA6;">2. النيّة تُخصّص العام، ولا تُعمِّم الخاصّ</mark> وتأتي هذه القاعدة غالبًا في مسائل الأَيْمان. > [!note] مثال تخصيص العامّ: > - لو كان رجل يجلس مع جماعة من أصحابه، ثمّ حصل خلاف بينه وبين زيد، فقال الرَّجل: والله لا أكلّم أحدًا، ونوى زيدًا. > - لأنّ النيّة تخصّص اللفظ العام، فهي تخصّص قوله (أحدًا) ويكون الحلف على زيدٍ فقط. فلو كلّم الرّجل أحدًا غير زيد؛ فإنّه لا يَحنَثُ بيمينه. > [!note] مثال عدم تعميم الخاصّ: > - لوّ مَنّ زيد على أحمد بما أعطاه، فقال أحمد: والله لا أشرب عِنده ماءً. فقدّم زيدٌ لأحمد طعامًا فأكله. > - لأنّ اللفظ كان خاصّا بعدم شرب الماء، فإنّه لا يُعمّم ولو كانت النيّة عند اللفظ التّعميم للأكل والشُّرب، ففي هذا المثال عِند تناول الطّعام لا يحنَثُ أحمد بيمينه. ### <mark style="background: #BBFABBA6;">3. الأيمان مبنيّة على الألفاظ لا على الأغراض</mark> > [!note] مثال: > - لو حلف زيدٌ أنّه لا يلبس ثوبًا أنعم به أحمد عليه. ثمّ جاء أحمد وباع زيدًا بيعًا وأبرأه مِن ثمنه. > - فلو لبس زيدٌ الثّوب فإنّه لا يكون حانِثًا؛ لأنّ الحلف كان لفظه بالامتناع عن ارتداء ما **يُنعم** به أحمد عليه. وفي هذه الصّورة لا يُعدّ البيع إنعامًا. > [!note] مثال آخر: > - لو حلف شخصٌ ألّا يبيع سيّارته، ثمّ وكَّل أحدًا ليبيعها له. > - لا يحنَث لأنّه لم يخالف اللفظ، والأيمان مبينّة على اللفظ لا على الغَرَض. ### <mark style="background: #BBFABBA6;">4. لا ثواب إلّا بنيّة</mark> مرّ معنا أنّ النيّة واجبة في بعض الأعمال ومُستحبّة في بعضها. ولكنّ الثواب لا يقع إلّا مع النيّة. > [!note] أمثلة: > - مَن ترك معصية غافلاً عنها ولم تخطر بباله فلا يُثاب على تركها. > - مَن غسل ميّتاً ولم ينوي فلا يُثاب عليه. > - مَن أنفق على أهله دون نيّة لا يُثاب على نفقته. > [!tip] هام > - **النيّة تُحوّل العادات إلى عبادات**: فينبغي استحضارها حتّى في الأمور اليوميّة (كالأكل والنوم والعمل) لتحصيل الثّواب. > - **عدم استحضار النيّة يُحوّل العبادات إلى عادات**: فيعمل الإنسان ما وجب عليه لكن الثّواب يضيع.