# المشقّة تجلب التّيسير ## معناها حيث توجد المشقّة على المُكلَّف في تنفيذ الحُكم الشَّرعيّ فتاتي التّخفيفات والتّيسيرات من الشّريعة للتّسهيل والتخفيف عنه. ## أدلّتها - قوله تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">...وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٖۚ...[[الحج-78|۝]]</span>﴾. - قوله تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">...يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ...[[البقرة-185|۝]]</span>﴾. - قوله تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْۚ ...[[النساء-28|۝]]</span>﴾. - قال النبيّ ﷺ‎: (بُعثتُ بالحنيفيةِ السمحةِ). - قال النبيّ ﷺ‎: (إِنَّما بُعِثْتُم مُيَسِّرينَ ولَمْ تُبْعَثوا مُعَسِّريْنَ). ## أسباب التّخفيف ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">أ. السَّفر</mark> من التّخفيفات على المسافر سفرًا طويلاً: - المسح على الخفّين في الوضوء ثلاثة أيّام. - قصر وجمع الصّلاة. - الإفطار في رمضان. ومن التّخفيفات على المسافر سفرًا قصيرًا: - إقامة صلاة النّافلة على الرّاحلة دون استقبال القِبلة. - سقوط صلاة الجُمعة عنه. والسّفر الطّويل هو ما يكون على مسيرة مرحلتين أو أكثر، وقدّره الشّافعية المعاصرون بأربعة وثمانين كيلومتر. ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">ب. المرض</mark> من الرُّخص للمريض: - يستطيع التّيمم بدلاً عن الوضوء. - أنّ بإمكانه الصّلاة جالسًا إن لم يتمكّن مِن القيام، وإن لم يستطع الجلوس فإنّه يصلّي على جنبه. - يجوز له الفطر في رمضان إنّ شقّ عليه الصّوم. - في بعض أقوال الشّافعيّة أنّ المريض يُمكنه الجمع في الصلاة. <div style="page-break-after: always;"></div> ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">جـ. الإكراه</mark> - من أُكرِه على قول كلمة الكُفر فلا إثم عليه. - من أُكرِه على شُرب الخمر فلا إثم عليه. > [!tip] هام > الإكراه لا يكون عُذرًا في القتل ولا في الزِّنا. ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">د. النّسيان</mark> - من تكلّم في الصّلاة بكلام يسير ناسيًا فإنّ صلاته لا تبطل. - من أكل أو شرب في الصّيام ناسيًا فإنّ صومه لا يبطل. ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">هـ. الجهل</mark> - من تكلّم في صلاته جاهلاً تحريم الكلام فيها فإنّ صلاته لا تبطل. - من أكل أو جامَع جاهلاً تحريمهما في الصّوم فإنّ صومه لا يبطل. ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">و. العُسر وعُموم البلوى</mark> فإن عَسُر الشّيء وعمّت البلوى به فإنّه يُخفَّف فيه. - إن وقعت نجاسة من النّجاسات المعفوّ عنها لعُسر تجنّبها (مما لا يدركه البصر) في ماء قليل فإنّه لا يحُكم بنجاسة ذلك الماء. - تصحّ الصّلاة وإن وقع على المصلّي نجاسة معفوّ عنها (كالدم القليل). ### <mark style="background: #D2B3FFA6;">ز. النقص</mark> - الصبيّ ليس مكلّفًا لنقصه. - المجنون ليس مكلّفًا لنقصه. - خُفّف على المرأة في بعض التّكاليف لنقصها عن الرّجل (كصلاة الجمعة والجماعة والجهاد والجزية ويجوز لها الحرير والذّهب). - خُفِّف على العبد بعض التكاليف لنقصه عن الحرّ. <div style="page-break-after: always;"></div> ## أنواع التّخفيف بعد استقراء العلماء لأسباب التّخفيف السّابقة، قامو بفرز أنواع هذه التّخفيفات: 1. الإسقاط: في بعض الحالات يكون التّخفيف بإسقاط الحُكم بالكُليّة. > [!note] مثال: > سقوط صلاة الجُمعة عن المريض 1. التنقيص. > [!note] مثال: > قصر المُسافر للصلاة. 1. الإبدال. > [!note] مثال: > استبدال الوضوء والغسل بالتيمّم عند العجز عن تحصيل الماء. 1. التقديم. > [!note] مثال: > كجمع الصّلاتين للمسافر. 1. التّأخير. > [!note] مثال: > إفطار المُسافر والمريض في رمضان وتأخير صيامهما حتّى زوال عُذره. 1. التّرخيص. > [!note] مثال: > إباحة أكل الميتة للمُضطر. 1. التّغيير. > [!note] مثال: > إسقاط استقبال القِبلة وإباحة الحركة الكثيرة في الصّلاة في حال الخوف. <div style="page-break-after: always;"></div> ## أنواع المشقّة ### 1. <mark style="background: #BBFABBA6;">المشقّة المعتادة</mark> هي المشقّة التي لا تنفكّ عنها العبادة في الغالب، فهذه المشقّة غير معتبرة ولا تخفيف فيها. > [!note] مثال: > - لا يعتبر جوع وعطش الصّائم سببًا لتخفيف الصّوم. > - لا تُعتبر مشقّة إقامة الحدود على مُستحقّها سببا لتخفيف الحدود. ### 2. <mark style="background: #BBFABBA6;">المشقّة التي لا تصاحب العبادة في الغالب</mark> ولها ثلاثة حالات: 1. **المشقّة العظيمة**: هذه المشقّة تعتبر. > [!note] مثال: > إن خاف مريض على نفسه أو على بعض أعضاء جسمه الهلاك إن أصاب جسمه الماء في الوضوء، فهذه مشقّة معتبرة. 1. **المشقّة الخفيفة**: هذه المشقّة لا تعتبر. > [!note] مثال: > معاناة الصّائم من صداع يسير بسبب صيامه، فهذه المشقّة لا عبرة بها. 1. **المشقّة المتوسّّطة بينهما**: إن كانت قريبة من المشقّة العظيمة فإنّها تُعتبر، وإن كانت أقرب للمشقّة الخفيفة لا تُعتبر. > [!note] مثال: > إن كان ألم الضّرس قويّا فإنّه يكون سببًا معتبرًا للتّخفيف. <div style="page-break-after: always;"></div> ## قواعد مندرجة تحت هذه القاعدة ### <mark style="background: #FFB86CA6;">1. إذا ضاق الأمر اتّسع، وإذا اتّسع الأمر ضاق</mark> #### معناها - إذا ضاق الأمر اتّسع: أي إذا حصلت ضرورة بأمر ما فإنّ الشريعة الإسلامية توسّع بالحُكم وتُبيح ارتكاب المحظور. - إذا اتّسع الأمر ضاق: أي أنّه إذا ارتكب المحظور ثمّ عاد الأمر إلى نصابه وزالت الضّرورة فإنّ الحُكم الأصلي يعود مرّة أخرى. > [!info] فائدة > هذه القاعدة من كلام الإمام [[الشافعي]] رحمه الله. > [!note] أمثلة: > - إذا لم يجد الإنسان ثوبًا يستره للصلاة إلّا ثوب حريرٍ فإنّه يجوز له أن يصلّي لابسًا ثوب الحرير. وإذا وجد بعد ذلك ثوبًا آخر فإنّ الأمر يعود إلى أصله وليس له أن يصلّي لابسًا ثوب الحرير. > - المعسر بالدَّين يجب إنظاره حتّى يستطيع سداد دَينه. ### <mark style="background: #FFB86CA6;">2. الضَّرورات تبيح المحظورات</mark> **الضرورة**: هي العذر الذي يجوز بسببه ارتكاب المحظور. الشّرط في هذه القاعدة أن تكون مفسدة المحظور المرتكب أقلّ مِن مفسدة الضَّرورة. > [!note] مثال على حالة لا تصحّ فيها القاعدة: > لو قال شخص أنّه تم تهديده بقتله إن لم يقتل شخصًا آخر، فليس له أن يدرج فعله تحت هذه القاعدة؛ لأنّ المفسدة المترتّبة على قتله للآخر مساوية لمفسة أن يُقتل هو. > [!note] مثال صحيح: > وجوب أكل الميتة للمضطر الذي خاف على نفسه الهلاك. <div style="page-break-after: always;"></div> ### <mark style="background: #FFB86CA6;">3. ما أُبيح للضَّرورة يُقدَّر بقدرها</mark> هذه القاعدة تُقيِّد القاعدة السَّابقة. وتعني أنّ الشيء الذي يُباح عِند الضرورة لا يُباح بشكل مُطلَق وإنّما بقدر الضَّرورة فقط. > [!note] أمثلة: > - إن اضطرَّ شخصٌ لأكل الميتة فإنّه يأكل منها ما يسدّ به رمقه ويحفظ به نفسه، ولا يزيد عن ذلك. > - إن اضطرَّ إنسان لكشف عورته للعلاج عند الطَّبيب فإنّه يكشف قدر الحاجة فقط دون زيادة. > - إن استُشير أحد في خاطِب فيجب عليه أن يذكر عيوبه، ولكن يذكر الأخفّ مِن عيوبه فإن حصل الإعراض يتوقّف، وإلّا يتدرّج بذكر بقيّة العيوب. ولو كان يعلم أنّ في السّائل إصرارًا على الخاطب وأنّ ذِكره للعيوب لن يُفيد فلا يذكر عيوبه. ### <mark style="background: #FFB86CA6;">4. الاضطرار لا يُبطل حقَّ الغير</mark> هذه القاعدة أيضًا تُقيّد قاعدة الضَّرورات تبيح المحظورات. > [!note] مثال: > من اضطُرّ لأكل مال الغير خيفة الهلاك لمجاعةٍ مثلاً، فله ذلك دون سؤال الغير، ولكن يجب أن يضمن حقّ الغير مع أنّه أكله للضَّرورة.