# <mark style="background: #CACFD9A6;">مرحلة الفقه في العصر الحاضر</mark> تبدأ هذه المرحلة تقريبًا من 1300 هـ حتى زماننا لحاضر. ومن أبرز ما يميّز هذه المرحلة: ## <mark style="background: #ADCCFFA6;">1. طباعة الكتب الفقهية</mark> كان للطباعة أثر كبير في انتشار الكتب الفقهية، ويوجد نوعان من الكتب التي تمت طباعتها: ### أ. كتب العلماء المصنفة قديمًا فتمت طباعتها وإعادة نشرها وتحقيقها وتحويلها من النسخ الخطية للنسخ المطبوعة السهلة الانتشار. - بعض الكتب المطبوعة تتكلم عن قضية الإجماع، مثل: [[مواد/مواد شرعية/علم الفقه/كتب/الإجماع|الإجماع]] لـ [[ابن المنذر]]، و[[مراتب الإجماع]] لـ [[ابن حزم]]، و[[الإقناع في مسائل الإجماع]] لـ [[ابن القطان الفاسي]]، و[[إجماعات العبادات]] لـ [[مؤسسة الدرر السنية]]. - كتب المذاهب المطبوعة: - الحنفية: [[بدائع الصنائع]] لـ [[الكاساني]]، و[[حاشية ابن عابدين]] - المالكية: [[مواهب الجليل]] لـ [[الحطاب]]، و[[الموطأ]] و[[المدونة]] - الشافعية: [[الأم]]، و[[تحفة المحتاج]]، و[[روضة الطالبين]] - الحنبلية: [[كشاف القناع]] لـ[[البهوتي]]، و[[الشرح الكبير]] مع [[الإنصاف]] و[[المقنع]] - كتب الفقه المقارن المطبوعة مهمة لمعرفة مسائل الخلاف والأقوال وأدلتها في الخلاف، ومن كتب الخلاف العالي: - [[الأوسط]] لـ [[ابن المنذر]]. - [[اختلاف العلماء]] لـ[[ابن هبيرة]] وهو يوضح أوجه الاتفاق والاختلاف. - [[بداية المجتهد ونهاية المقتصد]] لـ[[ابن رشد (الحفيد)]]. - [[المغني]] لـ[[ابن قدامة]] - [[الشرح الكبير]] لـ [[ابن أبي عمر]] > [!info] فائدة > من المهم أن يعرف الطالب هدف كتابة الكتاب لكي يرجع إليه عندما يريد تحقيق هذا الهدف. فهل الكتاب كتاب أقوال في المسائل أم أدلة للمسألة وهكذا. <div style="page-break-after: always;"></div> ### ب. الكتب المؤلفة في العصر الحاضر - **الموسوعات الفقهية**: تستهدف جمع الخلاف العالي بترتيب أبجدي. وهي مراجع وليست كتبًا دراسية. ومن أهم الموسوعات المطبوعة: - [[الموسوعة الفقهية الكويتية]] وهي أهم وأفضل موسوعة تجمع المسائل الفقهية في المذاهب الأربعة. - [[موسوعة أحكام الطهارة]] للشيخ [[دبيان الدبيان]]- تتعلق بباب واحد فقط من أبواب الفقه. - [[موسوعة المعاملات المالية]] للشيخ [[دبيان الدبيان]] - ولم يكمل بها كل الأبواب. - [[الجامع في الوصايا والأوقاف والهبات]] للشيخ [[خالد المشيقح]] يتمم موسوعة المعاملات المالية. - [[القضايا الفقهية المعاصرة]] عن [[مركز التميز البحثي]] - في كل أبواب الفقه لكن في النوازل المحاضرة. ومن الموسوعات الإلكترونية: [[جامع الفقه]]. > [!info] فائدة > قال [[الخطيب البغدادي]]: "أن الأمة مجمعة على الجدال والمناظرة في مسائل الفقه". لكن طبعًا ردود ونقاش بأدب العلم. هذه المناظرات تحيي الحركة العلمية وتحيي العلم. > و العلماء شنعوا على من تكلّم بكلام غير لائق بمناقشة مسائل الفقه. وهذا مثل كتاب [[المحلى]] لـ [[ابن حزم]]. فهذا الكتاب لا يصحّ أبدًا أن يبدأ به طالب العلم لسوء أسلوبه مع أن فيه علم جليل ولكنّ أسلوبه النقدي لم يكن موفقًا به. > [!info] فائدة > عندما يُقال عن كتاب ما أنه كتاب جليل وعظيم في مجال معين، فهذا لا يعني بالضرورة أنه مناسب لكل طبقات المتعلمين. > [!tip] هام > عند استعمال المواقع الإلكترونية وأساليب الحديثة يجب التقصي والانتباه لأن قراءة مقطع بعيدًا عن سياقه قد يعطي معنىً مخالفًا لما كان الكاتب يقوله، بل قد يقتطع جزء من الكلام كان الكاتب يذكره ليرد عليه، ثم يُقال أنه هو قائله لأنه كان في كتابه! ## <mark style="background: #ADCCFFA6;">2. نشأة المجامع الفقهية</mark> نشَأت المجامع الفقهية نظرًا لكثرة المستجدات والنوازل وهذه المستجدات منها ما تتعلق بعدة أبواب فقهية ومنها ما لا يكفي أن تصدر له فتوى واحدة من عالم واحد. وهي هيئات علمية يجتمع فيها جمع من أهل العلم للنظر في المسائل، ثم يصدر فيها قرارًا أو فتوى. وهذه القرارات تصدر بالأغلبية وليست بالإجماع من كل الأعضاء، ومن أهمها: - المجمع الفقهي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي - جدة: له مجلة تصدر وفيها كل مناقشات الجلسة وكل الأوراق والأبحاث التي تقدم في الجلسة. - المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي - مكة: له مجلة ولكن انتشارها ليس كبيرًا. ولمراجعة قرارات المجامع الفقهية يمكن العودة لكتاب [[فقه النوازل]] للشيخ [[محمد حسين الجيزاني]]. <div style="page-break-after: always;"></div> ## <mark style="background: #ADCCFFA6;">3. إصدار المجلات الفقهية</mark> هي مجلات تُعنى بالأبحاث الفقهية المحكمة وهي مفيدة ويَحسُن بطالب الفقه متابعتها. ومنها: - مجلات المجمعات الفقهية. - مجلة الجمعية الفقهية السعودية. - مجلة البحوث الفقهية المعاصرة. ## <mark style="background: #ADCCFFA6;">4. إنتشار المواقع الإلكترونية الفقهية</mark> سهلت المواقع الإلكترونية التواصل بين أهل العلم، ففي الماضي كان يعسر الوصول إلى الإجماع، والآن تيسر هذا الأمر عن طريق وسائل التواصل الحديثة. ومن هذه المواقع: - الشبكة الفقهية. - الملتقى الفقهي. ## <mark style="background: #ADCCFFA6;">5. ظهور دعاوى للتجديد في الفقه</mark> في هذه المرحلة ظهرت الدعوات إلى ترك المذهبية، حتى وجد من يسمي القرون قبل 1300 هـ وقبل بدايات الاستعمار بعصر الجمود والتقليد. وفكرة الجمود خطأ، فإن كان لدى الإنسان إرث علمي دقيق يخدمه ولا توجد متغيرات عظيمة لإعادة دراسته وتجديده فهذا لا يُعدّ دليلاً على الجمود، بل على عظمة الإرث العلمي وعدم تغير الواقع بشكل كبير. وبعض الناس يظنون أن النقد وإعادة البناء هو مطلب بحد ذاته وهذا خطأ. <div style="page-break-after: always;"></div> ## <mark style="background: #ADCCFFA6;">6. ظهور دعاوى التجديد في أصول الفقه</mark> هذه الدعاوى لم يُقصد بها التجديد بمعنى إضافة الشروح وشرح المسائل بطرق حديثة وهكذا، فهذا لا بأس به. أما الدعاوى الموجودة الآن تدعوا للتجديد في مضامين هذا العلم، وتدعوا لإعادة النّظر بقواعد فهم الشريعة التي سار عليها السلف. فينبغي أن نعلم أصول الفقه -وهو طريقة فهم السلف للأدلة الشرعية- هو سُوْر الشريعة. فقد قيل "إن الكتاب والسنة حصن، سوره الإجماع وبوابته أصول الفقه". ولا يمكن فهم الكتاب والسنة إلا على الوجه الذي فهمه بها الصحابة وفهموا التنزيل، وطريقة الفهم هذه تُدرس في علم أصول الفقه. فتصنيف [[الشافعي]] في أصول الفقه هو تدوين وجمع للقواعد التي سار عليها الصحابة والتابعون في فهم الشريعة. وهذه القواعد غير قابلة للتجديد، ولهذا فإن دعاوى التجديد ههذه مرفوضة تمامًا. > [!note] ملاحظة > حاول المستشرقون إخفاء كتاب [[الرسالة]] لـ [[الشافعي]] والقضاء على مخطوطاته. > [!info] فائدة > أي تأثير يمس أصول الفقه سيظهر أثره مباشرة على أبواب الفقه. ### مثال الدعوة لجعل علم مقاصد الشريعة هو العلم الحاكم على الاجتهاد هناك دعاوى لجعل علم مقاصد الشريعة هو العلم الحاكم على الاجتهاد والاستنباط، وأنه لا حاجة لعلم أصول الفقه، وأن علم مقاصد الشريعة يُغني عن علم أصول الفقه. ولكن، وعلى مر 1300 سنة، لم يُعرف في مدونات الإسلام أن هناك علمًا مستقلًا اسمه علم مقاصد الشريعة! وحاول المدّعون أن يستثمروا كتابات [[الشاطبي]] بذلك. ولكن يمكن الرد عليهم بكلام [[الشاطبي]] نفسه، فقد ذكر أنه يُشترط ليكون الإنسان مجتهدًا شرطان: - العلم باللغة العربية. - العلم بمقاصد الشريعة - ولم يقصد هنا ما يُسمّى اليوم بعلم مقاصد الشريعة، والدليل قوله في نفس الموضع: كمعرفة العموم والخصوص والأمر والنهي. أي: مقاصد الشريعة في كلام [[الشاطبي]] هو علم أصول الفقه بكامل أبوابه. <div style="page-break-after: always;"></div> وإذا قارنّا بين الإمام [[الشاطبي]] وبين من غلى في قضية المقاصد، نجد: ❌ أنّ جماعة المقاصد يفهمون المقاصد أو المصالح على أنها أمر دنيوي؛ فيدرسون مصلحة الناس بغض النظر عن الشريعة. ولكن إن جعلنا شرط الاجتهاد هو معرفة المصالح الدنيوية فأكثر الكافرين هم أهل للاجتهاد! ✅وأمّا [[الشاطبي]]: - فهو لم يُفرد علمًا خاصًا اسمه علم مقاصد الشريعة، بل كتب بابًا في كتابه [[الموافقات]] ليذكر فيه مقاصد الشريعة. بل إن له كتابًا ثانيا اسمه [[الاعتصام]] قد شدد فيه على أهمية التمسك بالكتاب والسنة وترك البدع. - وفي كتابه [[الموافقات]] كان يُركّز كثيرًا على المقاصد الأُخروية للشريعة وليس المقصد الدنيوية! وعندما ذكر المقصد الشرعي من وضع الشريعة قال: "هو إخراج المكلف عن داعية هواه ليكون عبدًا لله اختيارًا كما أنه عبدٌ لله اضطرارًا". - كما أنه ركَّز كثيرًا على تعظيم فهم السلف واتباعهم وأن الإنسان لا يجتهد خارج فهم السلف فقال: "فكل ما جاء مخالفًا لما عليه السلف الصالح فهو الضلال بعينه". - كما قال: "فلهذا كلّه يجب على كلّ ناظر في الدليل الشرعي، مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به، فهو أحرى بالصواب وأقوى في العلم والعمل". - وقال في كتابه: "ولهذا فلا يحلّ لأحدٍ أن ينظر في كتابي هذا نظر مفيد أو مستفيد، إلا وهو ريّان من علوم الشريعة أصولها وفروها، لأنه إن فعل ذلك كان ذلك عليه فتنةً بالعرض ولو كان حكمةً في الذات". - وكان رحمه الله يُعظّم مقام المجتهدين والمدارس الفقهية، فقال: "وعلى الجملة فالمفتي مُخبر عن الله كالنبي، وموقِع للشريعة على أفعال المكلّفين بحسب نظره كالنبي، ونافذ أمره في الأمة بمنشور الخلافة كالنبي، ولذلك سُمّوا أولي الأمر وقُرنت طاعتهم بطاعة الله ورسوله". - وكان كذلك مالكيًّا لا يخرج عن مذهب مالك في الفتوى، قال: "وأما نقل مذاهب الأمصار، سوى مذهب مالِك والفتوى بها بالنسبة إلينا فهو أشدّ، لأنها مذاهب يُذكر لنا منها أطراف في مسائل الخلاف لم نتفقه فيها، ولا رأينا من تفقه فيها ولا عرف أصولها ولا دل على معانيها ولا حصل قواعدها التي تبنى عليها فنحن والعوام سواء، فكما أنه لا يحل للعامي الذي لم يقرأ كتابًا ولا سمع فقها، أن يأخذ كتب الفقه فيقريها لنفسه ويفتي بما حصل منها على علمه، كذلك من لم يتفقه في مذهب غير مذهب مالك، وإن كان إمامًا في مذهب مالك. وأنا لا أستحلّ إن شاء الله في دين الله وأمانته، أن أجد قولين في المذهب فأفتي بأحدهما على التخيير مع أني مقلد، بل أتحرى ما هو المشهور والمعمول به، فهو الذي أذكره للمستفتي. وقد نُقِل على الإمام [[المازري]] على إمامته، أنه لا يُفتي بغير المشهور من مذهب [[مالك]] ومحله من العلم ما قد علم. إنما يبقى النظر في المسألة، أن من يترخص في ذلك يبني على بعض التأويلات التي هي خلاف المعتمد من مذهب مالك، والعمل إنما يكون في المسائل الخلافية على ما هو المشهور". ## <mark style="background: #ADCCFFA6;">7. كثرة النوازل الفقهية</mark> بسبب الثورة الصناعية واستخدام التقنية؛ ظهرت نوازل كثيرة في كل الأبواب. منها نوازل في العبادات ومنها في الأسرة ومنها في الجنايات ومنها في عدة نواحٍ بنفس الوقت. أُنشئ مركز يختص بهذه القضايا اسمه: [[مركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة]]. ## <mark style="background: #ADCCFFA6;">8. انتشار الكليات الشرعية والأقسام الفقهية</mark> خدمت هذه الكليات بنشر العلم وتعليم الناس. كما أن افتتاح الدراسات العليا حرك البحث العلمي الفقهي.