# باب في أهمية الصحبة الصالحة وفضل الحب في الله وخطورة التفرق والتنازع واختلاف الكلمة
## مقدمة
تُعدّ الأخوّة بين المؤمنين والتآلف بينهم والتحذير من التفرق والشتات من مركزيّات الشريعة.
## الآيات
### 1. قال تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَوٰةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥۖ ...[[الكهف-28|]]</span>﴾
- توجد آيات أخرى عديدة تدل على هذا المعنى.
- يكرر الله تعالى في كتابه ذِكر الولاء والموالاة بين المؤمنين، والتحذير من الولاء للكافرين.
- أهم ما يدخل في الولاية هو **المحبّة والنّصرة**.
- باب [[الولاء والبراء]] يُعدّ من الأبواب العقديّة، لكن يُلاحظ في كثير من الحالات أنّ البراء فقط هو ما يتعامل معه النّاس على أنّه باب عقديّ، بينما يتمّ التّعامل مع باب الولاء باهتمام أقلّ وكأنّه ليس من العقيدة.
## الأحاديث
### 1. عن [[أبي موسى]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> عن النبي ﷺ قال: (إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا) وشَبَّكَ أصَابِعَهُ
- استخدم النبي ﷺ وصف الإيمان على من يقوم بهذه النُّصرة، فكُلّ من يدخل تحت مسمّى الإيمان عليه أن يكون كما ذُكر مع بقية المؤمنين.
- مِن وصف النبي ﷺ للبنيان والشدّ بين أطرافه يُفهم أنّ التآزر والتّناصر يُعدّان مِن أهمّ ما ينبغي إقامته بين المؤمنين.
- إن ضعفت إحدى أطراف البنيان وآل للسقوط، فعلى بقيّة الأطراف المآزرة لإبقائه قائمًا.
<div style="page-break-after: always;"></div>
### 2. عن [[عبدالله بن عمر]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">L</span> أن رسول الله ﷺ قال: (المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ)
- تُعرف مركزيّات الشريعة من تظافر الأدلّة من الوحي في التأكيد عليها. ومن [[الفقه في الدين]] معرفة هذه المركزيّات ومعرفة قدرها في الشريعة وعند وجود مفاضلة بينها يختار الفقيه في الدّين أعلاها أهميّة ويفوّت أدناها. ومن تظافر هذه الأدلّة في التأكيد على أهميّة الأخوة بين المسلمين في هذا الباب يفهم المسلم قيمتها وعلوّ مكانتها في الشريعة ووجوب تبديتها على كثير من الأمور المفضولة (الأقل أهميّة ومركزيّة).
- مثال هذا كثير في زماننا، فالكثير من المسائل الفقهية أو العلميّة (التي لا تدخل في أصل الإسلام والعقيدة الصحيحة والفرائض) قد يجب تجنّب ذكرها مع بعض المجموعات من العامّة لمنع التفرقة بين المسلمين، ويكون طرحها ونقاشها في مجالس علمية وبأسلوب مناسب لإظهار الحقّ دون الإخلال في الأخوّة بين المسلمين. مثالها: إثارة نقاشات حول الرأي في أشخاص وعلماء عاشوا قبل قرون عديدة والاختلاف حول توجهاتهم وأخطائهم؛ فهذا أمر لا فائدة عظيمة من الوصول لنتيجة فيه ولكنّه قد يؤدي للنزاع والتفرقة بين المسلمين.
- القاعدة العامة في هذا الحديث (المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ) وبيّن النبيّ بعدها كيفية تحقيق هذه الأخوّة.
### 3. عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: قال رسول الله ﷺ: (لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا. المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هاهُنا. ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ. كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ؛ دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ)
- يتناول هذا الحديث عِظم أمر التباغض والتباعد بين المسلمين.
- يعني قول النبي ﷺ (بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ) أنّ هذه الخصلة من الشّر كافية للمرء ليكون حاملًا شرًا كثيرًا. وهنا نرى مقدار الشرّ الكبير في التوجّهات التي يكون مشروعها الأساسيّ الطّعن في المسلمين. وهذا يمكن أن يكون معيارًا للمرء لتقييم طريقه؛ فمن يمشي في طريق يكون الخصم فيه هم المسلمون فطريقه خاطئ لا محالة. وهذا الكلام ليس دعوة لعدم الانتباه للأخطاء وعدم الدعوة لتصحيحها، ولكن لا ينبغي أن يكون هذا هو المشروع الرئيسي للمسلم الذي تقوم عليه دعوته.
### 4. عن [[عبد الله بن عمرو]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">L</span> عن النبي ﷺ قال: (المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنْه)
<div style="page-break-after: always;"></div>
### 5. عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: قال رسول الله ﷺ: (لا تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ علَى شيءٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بيْنَكُمْ)
- يتّضح في هذا الحديث ارتباط المودّة والمحبّة بين المسلمين بالعقيدة بقوله ﷺ (لا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحابُّوا).
### 6. عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: قال رسول الله ﷺ: (إنَّ اللَّهَ يقولُ يَومَ القِيامَةِ: أيْنَ المُتَحابُّونَ بجَلالِي؟ اليومَ أُظِلُّهُمْ في ظِلِّي، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي)
- هذا الحديث يبين أحد أوجه الفضل والثواب للمتحابّين في الله تعالى؛ وهو أنّه من أسباب إظلال الله تعالى للمتحابّين في ظلّه يوم القيامة.
### 7. عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> عن النبي ﷺ: (أنَّ رَجُلًا زارَ أخًا له في قَرْيَةٍ أُخْرَى، فأرْصَدَ اللَّهُ له علَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أتَى عليه، قالَ: أيْنَ تُرِيدُ؟ قالَ: أُرِيدُ أخًا لي في هذِه القَرْيَةِ، قالَ: هلْ لكَ عليه مِن نِعْمَةٍ تَرُبُّها؟ قالَ: لا، غيرَ أنِّي أحْبَبْتُهُ في اللهِ عزَّ وجلَّ، قالَ: فإنِّي رَسولُ اللهِ إلَيْكَ بأنَّ اللَّهَ قدْ أحَبَّكَ كما أحْبَبْتَهُ فِيهِ)
- يكشف هذا الحديث بابًا عظيمًا من أبواب فضل المحبّة في الله ﷻ؛ وهو أنّه من أسباب محبّة الله تعالى للعبد.
### 8. عن [[أنس]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> عن النبي ﷺ قال: (ثَلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلاوَةَ الإيمانِ: أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِواهُما، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ)
- في هذا الحديث فضل آخر للمحبّة في الله؛ وهو تحصيل حلاوة الإيمان.
### 9. عن [[جرير]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> أن النبي ﷺ قال له في حجة الوداع: (اسْتَنْصِتِ النَّاسَ) فَقالَ: (لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ)
- كذلك هناك حديث: (سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وقِتَالُهُ كُفْرٌ)، و(أَيُّما رَجُلٍ قالَ لأخِيهِ: يا كافِرُ، فقَدْ باءَ بها أحَدُهُما). وهذه الأحاديث الثلاثة أطلق فيها النبي ﷺ صفة الكفر على أنواع من المخالفة في هذا الباب.
- يُلاحظ تعدد أوجه الثواب العظيم في هذا الباب، والتشديد على المخالفة فيه، وأهميّة هذا الباب تزداد في زماننا الذي فيه استضعاف للأمّة فتزيد التفرقة بين المسلمين من ضعف وهوان الأمّة.