# باب العناية بالشباب وتقديم ذوي العلم منهم وتفعيل أدوارهم في العمل للإسلام
## مقدمة
قد يظنّ البعض أن باب العناية بالشباب هو باب تربويّ بحت، ولكنّ الحقيقة أنّ الوحي جاء ليحض عليه وليعزز قيمة العناية بالشباب.
والمشاريع الإصلاحية المعاصرة بحاجة إلى العناية بالشباب عناية خاصة وفائقة، وأن تكون عناية شمولية في كافة أبواب الدين. ومن أهمّ ما يجب أن يتم التركيز عليه هو تعليم الشباب الإيمان والتزكية كما سيتم بيانه في هذا الباب.
## الآيات
### 1. قال تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">... إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَٰهُمْ هُدٗى[[الكهف-13|]]</span>﴾
- يُعتبر هؤلاء الفتية في قصّة أصحاب الكهف أئمة في الدِّين برغم كونهم فتيةً شبابًا، فهُم محلٌّ للاقتداء ومثلٌ للمؤمنين. وهذا الشرف العظيم نالوه لصبرهم على الفتن والتمسك بدينهم واعتزال قومهم المضلّين.
- في هذه الآية دليل على أنّ الشباب في مطلع العمر يمكن أن يكونوا أئمّة في الدّين وذوي شأن.
- يقول [[ابن كثير]] في هذه الآية: ذَكَرَ تعالى أنّهم فِتيَة وهم الشباب، وهم أقْبَل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عَتَوا وعَسَوا في دين الباطل، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله ولرسوله ﷺ شبابًا. وأمّا المشايخ من قريش، فعامّتهم بَقَوا على دينهم، ولم يُسلِم منهم إلا القليل، وهكذا أخبر الله عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شبابًا.
- هذا المعنى يجب الاستفادة منه في مثل هذه المراحل الزمنية التي يسعى المصلحون فيها للنهضة بالمسلمين لتكون مادّة هذه النهضة من الشباب.
### 2. قال تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">قَالُواْ سَمِعۡنَا فَتٗى يَذۡكُرُهُمۡ يُقَالُ لَهُۥٓ إِبۡرَٰهِيمُ[[الأنبياء-60|]]</span>﴾
- كان إبراهيم عليه السلام هنا شابًّا عندما واجه قومه وصمد على الحق، فيجب أن يقتدي به الشّاب ويعتزّ بهذه الآية.
### 3. قال تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">فَمَآ ءَامَنَ لِمُوسَىٰٓ إِلَّا ذُرِّيَّةٞ مِّن قَوْمِهِۦ عَلَىٰ خَوْفٖ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَإِيْهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْۚ ...[[يونس-83|]]</span>﴾
- اختلف المفسرون في المقصود من الذريّة، ومما قاله فيهم [[ابن السعدي]] أنهم شباب من بني إسرائيل ثبتوا على الحقّ. وقال أنّ الحكمة في كونهم شبابًا أنّ الشباب أقبل للحق، وأسرع له انقيادًا (بعكس الشيوخ).
## الأحاديث
### 1. عن [[جندب بن عبد الله]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: كنَّا معَ النَّبيِّ ﷺ ونحنُ فتيانٌ حزاورةٌ فتعلَّمنا الإيمانَ قبلَ أن نتعلَّمَ القرآنَ ثمَّ تعلَّمنا القرآنَ فازددنا بِه إيمانًا
- يُلاحَظ أنّ النبي ﷺ كان محاطًا بكافة الفئات العمرية (الأكبر والأصغر من هذه الفئة أيضًا).
- كان هؤلاء الفتية مع النبي ﷺ ومحلّ اهتمامه، وكان يعلّمهم الإيمان ثم القرآن.
- كانت أدوار الشباب في هذه الأعمار مركزيّة وليست جانبية، فمنهم من قاتل معه واستشهد في مثل هذه الأعمار ك[[عمير بن أبي وقاص]] بعمر 16 في [[معركة بدر]].
### 2. عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> عن النبي ﷺ قال: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى في ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إمَامٌ عَدْلٌ، وشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ، ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، ورَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ، اجْتَمعا عليه وتَفَرَّقَا عليه، ورَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وجَمَالٍ فَقالَ: إنِّي أَخَافُ اللَّهَ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ)
- يستشعر عظمة هذا الحديث وأهميّة ما فيه مَن كان يستحضر أهوال يوم القيامة وصعوبته، فيعلم قيمة أن يكون ممن يظلّه الله في ظلّه تعالى يوم لا ظلّ إلّا ظلّه.
- الشّاب الذي ينشأ في عبادة الله هي صفة تخصّ الشباب لا يستطيع استدراكها من تعدّى هذه المرحلة.
### 3. عن [[سهل بن سعد]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ أُتِيَ بشَرَابٍ فَشَرِبَ منه، وعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ، وعَنْ يَسَارِهِ الأشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ: (أتَأْذَنُ لي أنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ؟) فَقَالَ الغُلَامُ: واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، لا أُوثِرُ بنَصِيبِي مِنْكَ أحَدًا، قَالَ: فَتَلَّهُ رَسولُ اللَّهِ ﷺ في يَدِهِ
- يبين هذا الحديث قُرب الشباب من النبي ﷺ، ويبين أيضًا أنّ كونهم شبابًا لم يلغي عند النبي ﷺ القيمة الاعتبارية لهم.
- يُلاحظ حضور هذا الغلام الصّغير مجلس النبيّ ﷺ، بل وجلوسه إلى يمينه، وهذا دليل اهتمام النبي ﷺ بالشباب وتقديره لهم. ثم عند تقديم الشّراب لم ينسى أو يهمل النبي ﷺ الغلام ولم يقدّم عليه الأشياخ، بل واستأذنه وهذا يدل على قمة التقدير للغلام ولحضوره. وعندما رفض الشاب ترك نصيبه من النبي ﷺ أعطاه النبي ﷺ الشراب، واستجابة النبي ﷺ دليل إضافيّ على التقدير.
- لا ينبغي على المُصلح الاستكبار عن المجالس التي يحضرها الشباب والصغار حتّى لو زاد علمه وارتفعت منزلته عند الناس.
<div style="page-break-after: always;"></div>
### 4. عن [[عبدالله بن عمر]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: بَعَثَ النَّبيُّ ﷺ بَعْثًا، وأَمَّرَ عليهم أُسامَةَ بنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ في إمارَتِهِ، فقالَ النَّبيُّ ﷺ: (أنْ تَطْعُنُوا في إمارَتِهِ، فقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ في إمارَةِ أبِيهِ مِن قَبْلُ، وايْمُ اللَّهِ، إنْ كانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمارَةِ، وإنْ كانَ لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ، وإنَّ هذا لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ بَعْدَهُ)
- كان [[أسامة بن زيد]] في هذا الموقف شابًا دون العشرين من عمره.
- نفهم من هذا الحديث أنّ موضوع تقدير الشباب عند النبي ﷺ لم يكن مجرّد حضورهم للمجالس، ولا مجرّد المشاركة في القتال، بل كان يكون ببعض الأحوال تكليفًا ومنصبًا للشاب المؤهَّل؛ فيكون صاحب الكلمة. ولم يكن هذا فقط تكليفًا على أقرانه من الشباب، بل على من هو أكبر منه.
- كان النبي ﷺ يعرف أصحابه حقّ المعرفة، ويقدّم منهم من كان الأنسب للمهمة بحسب مهاراته وقدراته.
### 5. عن [[ابن عمر]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: قال رسول الله ﷺ: (أَخْبِرُونِي بشَجَرَةٍ مَثَلُها مَثَلُ المُسْلِمِ، تُؤْتي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بإذْنِ رَبِّها، ولا تَحُتُّ ورَقَها) فَوَقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، فَكَرِهْتُ أنْ أتَكَلَّمَ، وثَمَّ أبو بَكْرٍ وعُمَرُ، فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّما، قالَ النبيُّ ﷺ: (هي النَّخْلَةُ)، فَلَمَّا خَرَجْتُ مع أبِي قُلتُ: يا أبَتاهُ، وقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، قالَ: ما مَنَعَكَ أنْ تَقُولَها، لو كُنْتَ قُلْتَها كانَ أحَبَّ إلَيَّ مِن كَذا وكَذا، قالَ: ما مَنَعَنِي إلَّا أنِّي لَمْ أرَكَ ولا أبا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُما فَكَرِهْتُ
- الشاهد من هذا الحديث أنّ ابن عمر <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">L</span> كان يحضر مجلس النبي ﷺ وفيه أبو بكر وعمر وكبار الصّحابة <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">M</span>.
### 6. عن [[مالك بن الحويرث]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: أَتَيْنَا النبيَّ ﷺ، ونَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فأقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَظَنَّ أنَّا اشْتَقْنَا أهْلَنَا، وسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا في أهْلِنَا، فأخْبَرْنَاهُ، وكانَ رَفِيقًا رَحِيمًا، فَقَالَ: (ارْجِعُوا إلى أهْلِيكُمْ، فَعَلِّمُوهُمْ ومُرُوهُمْ، وصَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، وإذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أكْبَرُكُمْ)
- جاء هؤلاء الشباب إلى النبي ﷺ من قريتهم طلبًا للعلم وتقرّبًا من النبي ﷺ، فقرّبهم النبي ﷺ وعلم أحوالهم النفسية، حتّى إذا أحسّ بشوقهم لأهلهم أرجعهم إليهم.
- يُلاحظ من الحديث أن النبي ﷺ اعتنى بهؤلاء الشباب بمدّة قصيرة (20 ليلة) عنايةً أهلتهم ليكونوا قدوة في الدّين والعلم لِمن يرجعون إليهم.
- من العناية التي وفرها النبي ﷺ لهؤلاء الشباب:
- العناية بتهيئة الإقامة لهم في ال20 ليلة.
- العناية بتعليمهم.
- العناية بتقريبهم إليه.
- العناية باستشعار شوقهم لأهلهم وإرسالهم إليهم.
- يدلّ هذا الحديث على أنّه لا يلزم للمرء أن يُتمّ العلم ويصبح عالمًا كبيرًا ثمّ يبدأ بالعطاء، فهؤلاء جاؤوا إلى النّبي ﷺ وتعلّموا ما استطاعوا تعلّمه في هذه الفترة الوجيزة، ثمّ أرسلهم النبي ﷺ إلى قومهم ليعلِّموهم ما تعلّموه.
### 7. عن [[ابن عباس]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ ﷺ وسلَّمَ يومًا فقال: (يا غلامُ إني أعلِّمُك كلماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك ، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك ، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ)
- كان ابن عبّاس <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> من صغار الصّحابة وتوفّي النبي ﷺ وهو ابن بضعة عشرة سنة، ولكن نلاحظ من هذا الحديث ومن الأحاديث التالية أنّ له هذه المواقف العديدة مع النبي ﷺ، وأنّ النبي ﷺ كان يختصّه بأمور ونصائح وتوجيهات برغم صغر سنّه، وهذا يؤكد ما مرّ معنا في هذا الباب من العناية بالشباب وتهيئتهم لحمل الدّين.
- نستفيد من هذا الحديث أهميّة اختصاص بعض التلاميذ بوصايا معيّنة بناءً على ما يراه المُصلح منهم.
- في هذا الحديث نرى إحدى أهمّ المواد التي يجب توجيهها للفِتيان: وهي العُبودية لله ﷻ وتعليق القلب به.
- في هذا الحديث مثال لمعنى الإيمان في الحديث الأوّل مِن هذا الباب، فَمِمّا نشأ صغار الصّحابة على تعلُّمِه هو الإيمان المذكور في هذا الحديث.
### 8. عن [[ابن عباس]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: ضَمَّنِي النبيُّ ﷺ إلى صَدْرِهِ، وقالَ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ)
- في هذا الحديث بيان لحبّ النبي ﷺ وعنايته بصغار الصّحابة ومشاعرهم ونفسياتهم.
- مثال آخر على محبّة النبي ﷺ لصغار الصّحابة: تلقيب [[أسامة بن زيد]] بــ **حِبّ رسول الله ﷺ**.
- من فوائد الحديث: الدّعاء لِمَن يحبّه المرء بما يناسب حاله.
<div style="page-break-after: always;"></div>
### 9. عن [[ابن عباس]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: لمَّا تُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ ﷺ، قُلتُ لِرَجُلٍ مِنَ الأنصارِ: هَلُمَّ نَسألْ أصحابَ رَسولِ اللهِ ﷺ؛ فإنَّهمُ اليَومَ كَثيرٌ. فقال: واعَجَبًا لكَ يا ابنَ عبَّاسٍ، أتَرى الناسَ يَحتاجونَ إليكَ، وفي الناسِ مِن أصحابِ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ مَن تَرى؟ فتَرَكتُ ذلك، وأقبَلتُ على المَسألةِ، فإنْ كان لَيَبلُغُني الحَديثُ عنِ الرَّجُلِ، فآتيهِ وهو قائِلٌ، فأتوَسَّدُ رِدائي على بابِه، فتَسْفي الرِّيحُ علَيَّ التُّرابَ، فيَخرُجُ، فيَراني، فيَقولُ: يا ابنَ عَمِّ رَسولِ اللهِ، ألَا أرسَلتَ إليَّ فآتيكَ؟ فأقولُ: أنا أحَقُّ أنْ آتيَكَ، فأسألَكَ. قال: فبَقيَ الرَّجُلُ حتى رآني وقدِ اجتَمَعَ الناسُ علَيَّ، فقال: هذا الفَتى أعقَلُ مِنِّي
- يبين هذا الحديث أنّ العناية النبويّة بابن عبّاس <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> جعلت عنده حالة من الصبر والاهتمام والمتابعة في طريق العلم.
- من أهم ما يحتاجه الشباب هو الاستصلاح النفسي والأخلاقي والتزكوي الذي يجعل النفس مستعدة للصبر والفهم والبذل، وهذا ما نرى أنّ النبي ﷺ قد ربّى ابن عباس <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> عليه؛ فعندما ثبّطه أحد الناس وأشعره بعدم أهميّة ما ينوي القيام به من طلب العلم، تركه ومضى وصبر واجتهد، فكانت الثمرة أنّه عند وفاة كبار الصّحابة وعند حاجة النّاس لمن يُعلّمهم كان ابن عباس جاهزًا لاستلام المهمة.
### 10. عن [[ابن عباس]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: كانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مع أشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأنَّ بَعْضَهُمْ وجَدَ في نَفْسِهِ، فَقالَ: لِمَ تُدْخِلُ هذا معنَا ولَنَا أبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟! فَقالَ عُمَرُ: إنَّه مَن قدْ عَلِمْتُمْ، فَدَعَاهُ ذَاتَ يَومٍ فأدْخَلَهُ معهُمْ، فَما رُئِيتُ أنَّه دَعَانِي يَومَئذٍ إلَّا لِيُرِيَهُمْ، قالَ: ما تَقُولونَ في قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ[[النصر-1|]]</span>﴾؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أنْ نَحْمَدَ اللَّهَ ونَسْتَغْفِرَهُ إذَا نُصِرْنَا وفُتِحَ عَلَيْنَا، وسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شيئًا، فَقالَ لِي: أكَذَاكَ تَقُولُ يا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلتُ: لَا، قالَ: فَما تَقُولُ؟ قُلتُ: هو أجَلُ رَسولِ اللَّهِ ﷺ أعْلَمَهُ له، قالَ: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ[[النصر-1|]]</span>﴾، وذلكَ عَلَامَةُ أجَلِكَ، ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا[[النصر-3|]]</span>﴾، فَقالَ عُمَرُ: ما أعْلَمُ منها إلَّا ما تَقُولُ
- نرى أن [[عمر]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قد أخذ بهدي النبي ﷺ بالعناية بالشباب فكان يُدخل ابن عباس <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> إلى مجالس الكبار.
- بعد اعتراض بعض جُلساء عُمر <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">M</span> عن حُضور ابن عباس <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> المجلس، دعا عمرٌ ابنَ عباس إلى المجلس وسأله رأيه ليُريهم قدره العلمي. وهذه طريقة مفيدة لإظهار علم الشباب أمام الآخرين ليقدّروهم ويعاملومهم بما هم له أهل.
### 11. عن [[ابن عباس]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: كانَ القُرَّاءُ أصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ ومُشَاوَرَتِهِ، كُهُولًا كَانُوا أوْ شُبَّانًا
- يبين هذا الحديث أن قضية عناية عمر <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> بالشباب لم تكن خاصّة بابن عباس <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span>، بل هو كان يستشير ويُجالس أهل العلم دون الوقوف على أعمارهم.
### 12. عن [[سعد بن أبي وقاص]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> أنه كانَ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ كما يُعَلِّمُ المُعَلِّمُ الغِلْمَانَ الكِتَابَةَ ويقولُ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ كانَ يَتَعَوَّذُ منهنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الجُبْنِ، وأَعُوذُ بكَ أنْ أُرَدَّ إلى أرْذَلِ العُمُرِ، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وأَعُوذُ بكَ مِن عَذَابِ القَبْرِ
- في قول سعد <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> (كما يُعَلِّمُ المُعَلِّمُ الغِلْمَانَ الكِتَابَةَ) دليل على عناية النبي ﷺ بتعليمه هذه الكلمات.