# باب دور المرأة في بث العلم ونصرة الإسلام وفي عنايتها بأواب الخيرات ومسارعتها إلى العمل بها ## الآيات ### 1. قال تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَٰتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٖۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ[[التوبة-71|۝]]</span>﴾ - في قوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَٰتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٖۚ) بناء لكثير من الأواصر بين المؤمنين والمؤمنات، فنحن في زمن يُدعى فيه للتفرقة بين الرجل والمرأة من باب أن يكون كُلّ منهما نِدًّا للآخر، ويريد كُلّ منهما تحصيل حقوق من الآخر، فتاتي هذه الآية لتبيّن أنهم أولياء لبعض. - يدخل في الولاء معنى النصرة، والدوافع لهذه النصرة لا ينبغي أن تختلف باختلاف كون الذي يُسعى لنصرته ذكر أو أنثى، بل باعتبار كونه مؤمنًا أو غير مؤمن. - قوله تعالى: (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) يشمل المؤمنين والمؤمنات أيضاً، فمن واجب المؤمنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -بما أمكن-. ### 2. قال تعالى: ﴿<span style="font-family: 'KFGQPC HAFS Uthmanic Script'">وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتٗا فِي الْجَنَّةِ ...[[التحريم-11|۝]]</span>﴾ - في الآية بيان لأن المرأة لا ينبغي أن تستصغر دورها، بل إن المرأة يجب تكون قدوةً ومثلاً للمؤمنين. فقد جعل الله امرأة فرعون، ومريم عليها السلام مثلاً يُقتدى به للمؤمنين. ## الأحاديث ### 1. عن [[أبو سعيد الخدري|أبي سعيد الخدري]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: قالتِ النِّسَاءُ للنبيِّ ﷺ‎: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِن نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وأَمَرَهُنَّ، فَكانَ فِيما قَالَ لهنَّ: (ما مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلَاثَةً مِن ولَدِهَا، إلَّا كانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ) فَقالتِ امْرَأَةٌ: واثْنَتَيْنِ؟ فَقَالَ: (واثْنَتَيْنِ) - يبيّن الحديث حضور المرأة المسلمة في سيرة النبي ﷺ‎، وأنها كانت حريصة على الحصول على النصيب العلمي والإيماني من النبي ﷺ‎. - عندما كان أصحاب النبي ﷺ‎ من الرجال يرافقونه في أغلب أوقاته، شعرت نساء الصّحابة بخطورة أن يفوتهن النبي ﷺ‎، فجئن بمبادرة هامة لتحصيل الخير. - عندما كان النبي ﷺ‎ يلقى النّساء بمواقف عديدة كان يعظُهُنّ ويأمُرُهنّ، والموعظة هنا معنى مهم جدًا، فعلى الدعاة والمصلحين اتّباع النبي ﷺ‎ ليكون من أهم ما تخاطب به المؤمنات هو الموعظة والتذكير والحث على العمل الصالح. - من جملة ما حثّ النبي ﷺ‎ الصحابيات به هو الصبر على فقدان الأولاد، فخفف عنهن هذا بإظهار عظيم أجر الصابرات على هذا عند الله تعالى. ### 2. عن [[عائشة]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">J</span> قالت: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الحَيَاءُ أنْ يَتَفَقَّهْنَ في الدِّينِ - كانت عائشة <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">J</span> حاملة لواء العلم في النساء في زمن النبي ﷺ‎ وبعده. - هناك اختلاف في صفات النساء عن الرجال وقد تختلف المطلوبات من كُلّ منهم بحسب ما يحمله من صفات، ولكنّ هناك بعض الصفات التي قد يظنّ البعض أنها تمنع حاملها من الوصول للدرجات العليا في بعض الأبواب، فيأتي هذا الحديث ليبين أنّ صفة الحياء الأساسية في المرأة لا تمنع حاملتها من التفقّه في الدِّين. ### 3. عن [[أبي موسى الأشعري]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> قال: ما أُشكل علَينا أصحابُ محمَّدٍ ﷺ‎ حَديثٌ قطُّ ، فسأَلنا عائشةَ ، إلَّا وجَدنا عِندها منه عِلمًا - وعت عائشة <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">J</span> عن النبي ﷺ‎ علمًا كثيرًا، وتميّزت بهذا العلم لأنّها كانت تتيقظ لأفعال النبي ﷺ‎ وتسأله وتستفسر منه عن ما يشكل عليها. - كانت عائشة <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">J</span> في التاسعة عشرة من عمرها عندما توفي النبي ﷺ‎، فحملها لهذا العلم يُرينا أهمية عدم الاستهانة بالفتيات وقدرتهن على العلم والفهم وحفظ الدِّين. ### 3. عن [[الربيِّع بنت معوّذ]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">J</span> قالت: كُنَّا نَغْزُو مع النبيِّ ﷺ‎، فَنَسْقِي القَوْمَ، وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الجَرْحَى وَالقَتْلَى إلى المَدِينَةِ - يبيّن هذا الحديث والحديث التالي أنه مع أنّ الله قد خلق المرأة باختلاف عن الرجل في مجال القوّة البدنيّة، ومع أنّ الأصل هو تفريق الشريعة بين الرجل والمرأة في أحكام الجهاد، لكن مع ذلك لم يكن هناك مانع من مشاركة المرأة فيما يمكن من الدعم في هذا الباب. ### 4. عن [[أم عطية الأنصارية]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">J</span> قالت: غَزَوْتُ مع رَسولِ اللهِ ﷺ‎ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، أَخْلُفُهُمْ في رِحَالِهِمْ، فأصْنَعُ لهمُ الطَّعَامَ، وَأُدَاوِي الجَرْحَى، وَأَقُومُ علَى المَرْضَى - لم تكن مشاركة المرأة في هذا المجال حالة استثنائية أو شاذة، وإنّما نرى في هذا الحديث أن أمّ عطيّة قد شاركت في سبع غزوات. - في زماننا الحالي توجد قضايا مختلفة تحتاج إلى مشاركة بالتوعية ونصرة قضايا الأمّة، فيجب أن لا تُلغى المرأة في هذه القضايا أو أن يُعتبر دورها ثانويًّا. فعلى المرأة المسلمة الاهتمام لقضايا المُسلمين، ولو لم تكن مكلّفة بالمشاركة بكل شيء، ولكنّها يجب أن تقدّم ما يُمكن. <div style="page-break-after: always;"></div> ### 5. عن [[عائشة]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">J</span> -في قصة الهجرة- قالت: بينما نحن يومًا جلوسٌ في بيتِ أبي بكرٍ في نَحْرِ الظهيرةِ ، قال قائلٌ لأبي بكرٍ: هذا رسولُ اللهِ ﷺ‎ مُتَقَنِّعًا في ساعةٍ لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكرٍ: فدى له أبي وأمي، واللهِ ما جاء به في هذه الساعةِ إلا أمْرٌ، قالت فجاء رسولُ اللهِ ﷺ ، واستأذَن، فأذِن له، فدخل، فقال النَّبيُّ ﷺ‎ لأبي بكرٍ: (أَخرِجْ مَن عندَك). فقال أبوبكرٍ: إنما هم أَهلك بأبي أنت يا رسولَ اللهِ، قال: (فإني قد أُذِنَ لي في الخروجِ). قال أبو بكرٍ: الصحابةَ بأبي أنت يا رسولَ اللهِ قال رسولُ اللهِ ﷺ‎: (نعم)، قال أبو بكرٍ: فخُذْ بأبي أنت يا رسولَ اللهِ إحدى راحلتيَّ هاتَينِ: قال رسولُ اللهِ ﷺ‎: (بالثَّمنِ). قالت عائشةُ : فجهَّزْناهما أَحَثَّ الجهازِ ، وصنَعْنا لهما سُفرةً في جِرابٍ، فقطعتْ أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ قطعةً من نِطاقِها، فربطَتْ به على فَمِ الجِرابِ، فبذلك سُمِّيَتْ ذاتُ النِّطاقَ - نرى في هذا الحديث مشاركة المرأة ودورها، ونرى أن ما قامت به [[أسماء بنت أبي بكر]] كان جزءًا مما عُرِّفت به لاحقًا، فسُمّيت ذات النطاقين. - مبادرة [[أسماء بنت أبي بكر]] بقطعة من نطاقها تُعرف قيمتها بمعرفة ضيق الحال في ذلك الوقت. وهذا الأسلوب من فهم السياق والواقع يفيد كثيرًا في دراسة السّيرة النبوية، فبواسطته تفهم نواحي كثيرة عن ما كان يدور ويحصل في السّيرة النبوية. - كذلك يُلاحظ ائتمان المرأة على الأسرار من هذا الحديث، فلم يُخرج النبي ﷺ‎ و[[أبو بكر]] النّساء عند الحديث في هذا الأمر الخطير. ### 6. عن [[أبو سعيد الخدري|أبي سعيد الخدري]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">I</span> أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ‎، كانَ يَخْرُجُ يَومَ الأضْحَى، وَيَومَ الفِطْرِ، فَيَبْدَأُ بالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّى صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ، قَامَ فأقْبَلَ علَى النَّاسِ، وَهُمْ جُلُوسٌ في مُصَلَّاهُمْ، فإنْ كانَ له حَاجَةٌ ببَعْثٍ، ذَكَرَهُ لِلنَّاسِ، أَوْ كَانَتْ له حَاجَةٌ بغيرِ ذلكَ، أَمَرَهُمْ بهَا، وَكانَ يقولُ: (تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقُوا)، وَكانَ أَكْثَرَ مَن يَتَصَدَّقُ النِّسَاءُ - يبيّن هذا الحديث جانبًا من جوانب المشاركة من النّساء في أبواب الخير. - من المهم النظر إلى الصّدقة دائمًا إلى ناحيتين مهمّتين: - النظر إلى الاحتياج في الواقع: فتكون الصّدقة نصرة للفقراء والمحتاجين وإغاثة لهم. - النظر إلى احتياج المُتصدّق لإعطاء الصّدقة لتدفع عذاب الله عنه: واستحضار هذا يُذهب عن المُتصدّق شعور المنّة؛ لأنه يعرف أنّه هو المُحتاج. وهذا الجانب كان النبي ﷺ‎ يركّز عليه عندما يحثُّ النّساء على الصّدقة. - يبيّن الحديث سرعة امتثال المؤمنات للصّدقة، وهذه النّاحية يجب أن يتم إحياؤها في المسلمين. <div style="page-break-after: always;"></div> ## خاتمة مما تُقاوم فيه موجات كموجة النّسوية وغيرها مما يجعل المرأة كائنًا ينظر فقط في باب الحقوق هو التركيز على ما جاء في هذا الباب من إظهار دور المرأة وأهميته فيما شرع الله لها العمل به. فالنسوية تركّز على توجيه المرأة لتبحث عن حقوقها وتترك واجباتها، وأن لا تعطي إلّا أن تُعطى، وهذه النّظرة فيها إشكال كبير. والمطلوب النظر من عينين: - عين على واجباتها ومسؤولياتها وعلى عظم ما يجب أن تعيش عليه من العبودية لله، والتقرب إليه، وتطلّب الجنّة، ونصرة الإسلام والمسلمين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -بما تقدر عليه-، والواجبات الأسرية، والزوجية، والتربوية وغيرها. - عين على ما ينبغي أن تكرم به، وتناله، وأن تكون محلّاً للمراعاة. وعلى المسلم والمسلمة أن ينظرا لحقوقهما وواجباتهما بمنظور أوسع من حقوق المرأة على الرجل وحقوق الرجل على المرأة فقط، فهناك نظرة أوسع تشمل حقوق العبودية لله تعالى، وحقوق الخلق. فمن ينظر بهذه النظرة الواسعة تجعله هذه النظرة عزيزًا عن النظرة الذليلة المختصة بالحقوق الشخصية من الطرف الآخر والتطلّب منه فقط.