هناك شروط دقيقة لنقد الأحاديث سندًا ومتنًا وكلما ازداد علم الإنسان بأحوال المحدثين والرواة في وقت الرواية وكلما تعمق في علم الحديث أكثر كلما اتضحت الصورة الحقيقية لضبط المحدثين للأحاديث. فالموضوع ليس بالعبثية والسطحية والاختزالية التي يطرحها المشككون.
# كيفية الحكم على ثقة الراوي
* **المقارنة**: يقوم التوثيق والتضعيف في علم الحديث على المقارنة، فعند اختبار الراوي تتم مقارنة رواياته بروايات الثقات وبحسب درجة توافق الروايات فإنه إمّا أن يزيد أو يقل في الثقة في الراوي المختبر
* **الاختبار**: عند ملازمة طلبة العلم لشيوخهم مدة طويلة فإنهم يختبرون شيوخهم ليحددوا ضبط العالم؛ ولهذا أمثلة عديدة وهذه الطريقة تسمى **التلقين** (أي أنه يلقنه الخطأ فإن قبله فقد فشل في الاختبار).
* **نقد المتون** التي يرويها الراوي. توجد أمثلة في كتاب [[تثبيت حجية السنة ونقض أصول المنكرين]].
# نموذج البخاري
كان إمام المدينة الإمام [[الزهري]] يحدث الناس بما سمعه من الصحابة، فيقول "سمعت [[أنس بن مالك]] <span style="font-family: 'KFGQPC Arabic Symbols 01'; ">h</span> يقول..." كما حدث عن الإمام [[سعيد بن المسيب]]، وكان عالم مكة [[عامر بن دينار]] يحدث بنفس الأحاديث التي يحدث بها [[الزهري]] عن [[أنس بن مالك]] ولكن عن طريق [[جابر بن عبدالله]].
في هذا الزمن وُلد الإمام [[الإمام مالك|مالك]] في المدينة وتلقى الأحاديث والروايات عن الإمام [[الزهري]] وكبار التابعين في زمانه وكتبها في [[الموطأ]].
في القرن الثاني للهجرة ولد [[البخاري]] في بخارى في أوزباكستان، وأنهى [[البخاري]] تلقي العلم عن علماء منطقته في عمر 16 سنة. ثم ذهب إلى الحج مع أمه وأخيه وبعد أداء فريضة الحج قرر البقاء في مكة وتلقي العلم عن علمائها. ثم رحل إلى المدينة وتلقى الحديث من علمائها وانتقل في رحلة كبيرة في الأقطار الإسلامية لتلقي العلم. وكتب كتاب [[التاريخ الكبير]] في عمر 18 عامًا.
اجتمع عند [[البخاري]] رصيد كبير من الأحاديث في رحلته. كما التقى [[البخاري]] بعلماء آخرين كانوا قد سبقوه بالقيام برحلة مشابهة وتلقوا الحديث عن علماء الجيل السابق، فتلقى عنهم الحديث مباشرة وتلقى عنهم ما وصلوا إليه من علوم الحديث والرجال. مثل: الإمام [[أحمد بن حنبل]]، والإمام [[يحيى بن معين]]، و[[علي بن المديني]].
وكان بعض شيوخ الإمام [[البخاري]] قد سمعوا كتاب الموطأ من الإمام [[الإمام مالك|مالك]] مباشرة وسمعوا كتبًا أخرى من كبار العلماء مباشرة. مثل: [[عبدالله بن مسلمة القعنوي]] و[[عبدالله بن يوسف التنيسي]].
عندما جمع [[البخاري]] صحيحه لم يؤسس قوانين علم الحديث بس أكمل وتابع في ما أسسه من قبله وقدم وصحح ودقق في ما تلقاه عن العلماء وجمع أصح ما وجد في صحيحه كما استخار قبل إضافة كل حديث إلى صحيحه.
سمِع منه زُهاء تسعون ألفًا [[صحيح البخاري]]
> [!info] فائدة
> أفضل وأصح وسائل التوثيق المستخدمة كانت عن طريق الاستماع وليس الكتابة فقط، بل إن الرواية المكتوبة لوحدها دون إجازة من الكاتب كانت لا تقبل. فكان التلقي بالاستماع أهم عند المحدثين من النص المكتوب.
# نظرة مختصرة على خطوات الحكم على حديث في عصرنا الحالي
للحكم على حديث نبحث عن الحديث أولًا في كتب تخريج الحديث لنعرف من ذكر هذا الحديث (مثلًا نجد أنه موجود في [[النسائي]] و[[ابن ماجه]]). ثم نعود للكتب المذكورة لنجمع طرق الحديث كلها لنستخرج المدار التي تدور عليه هذه الأسانيد. بعد ذلك ننظر لمدى الاتفاق والاختلاف على هذا المدار وبناء عليه نصل للإسناد الحقيقي للحديث.
ثم نبدأ بدراسة الحديث فنعود لكتب الجرح والتعديل لندرس الرواة رجلًا رجلًا. فإن كان الرواة متفق عليهم ننتقل لدراسة علل الحديث. أمّا إن كان هناك اختلاف على وثوقية الرواة فإننا نبحث في قواعد الترجيح في الأقوال المختلف فيها في الجرح والتعديل. فإن وصلنا لنتيجة جيدة في الراوي؛ ننظر في الإسناد إن كان متصل أو منقطع، وأحيانا يكون غير متصل ولا منقطع ظاهراً فنرجع لكتب خاصة لنعرف إن كان متصل أو منقطع (مثل كتاب [[التاريخ الكبير]] لـ[[البخاري]]).
بعد التحقق من الرواة نبدأ بدراسة علل الحديث:
فإن كان الحديث فردًا ننظر هل هو تفرد مقبول أو غير مقبول، ومن بعض أوجه الدراسة:
* هل الإسناد ذهبي؟ إن كان ذهبي فيفترض أن تكون هذه الإسنادات مشاعة وألا يكون فيه تفرد.
* هو هو من متون الأحكام المؤسسة؟ إن كان كذلك فهذه مشكلة لأنه لا ينبغي أن يكون فيه تفرد.
* ما نوع الراوي المتفرد؟ هل هو من الحفاظ الكبار؟ إن كان كذلك فهذا يهون تفرده بالإسناد الذهبي أو الأحكام المؤسسة، إن لم يكن كذلك لا نقبل ذلك منه.
إن لم يكن فرداً وروي مثلًا من ثلاثة رواة بسند متصل ومن راويين بسند منقطع فإننا ندرس الرواة بشكل دقيق ونرجح بينهم.
هذه فقط نبذة عن بعض الخطوات لمعرفة إن كان الحديث صحيح أو ضعيف.